والحَنابِلةُ، قالَ ابن قُدامةَ: وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، وقالَ شَمسُ الأئِمةِ الحَلَوانِيُّ: وعليه عَملُ الناسِ اليَومَ.
أمَّا عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ فلا يُغني ذلك عن المَضمَضةِ والاستِنشاقِ. ويُميلُ رأسَ الميِّتِ حتى لا يَبلُغَ الماءُ بَطنَه، وكذا لا يُؤخِّرُ رِجلَيْه عندَ التَّوضِئةِ.
وبعدَ الوُضوءِ يَجعَلُه على شِقِّه الأيسَرِ فيَفعَلُ الأيمَنَ، ثم يُديرُه على الأيمَنِ فيَفعَلُ الأيسَرَ، وذلك بعدَ تَثليثِ غُسلِ رأسِه ولِحيَتِه.
والواجِبُ كما سبَقَ في غُسلِ الميِّتِ مَرةٌ واحِدةٌ، ويُستحَبُّ أنْ يُغسَّلَ ثَلاثًا، وإنْ رأى الغاسِلُ أنْ يَزيدَ على ثَلاثٍ -لكَونِه لَم يُنقَّ، أو غيرِ ذلك- غسَّلَه خَمسًا أو سَبعًا، ويُستحَبُّ ألَّا يَقطَعَ إلا على وِترٍ كما سبَقَ، وقالَ الإمامُ أحمدُ: لا يَزيدُ على سَبعٍ.
والأصلُ في هذا قَولُ النَّبيِّ ﷺ لِغاسِلاتِ ابنَتِه زَينبَ ﵂:«ابدَأْنَ بمَيامِنِها ومَواضعِ الوُضُوءِ منها، واغسِلْنَها ثَلاثًا، أو خَمسًا، أو أَكثَرَ مِنْ ذلك، إن رَأيْتنَّ ذلك، بِماءٍ وَسِدرٍ، واجعَلْنَ في الْآخِرَةِ كافُورًا أو شَيئًا مِنْ كافُورٍ»(١).
ويَرى ابنُ حَبيبٍ مِنْ المالِكيةِ أنَّه لا بأسَ عندَ الوَباءِ وما يَشتدُّ على الناسِ مِنْ غُسلِ المَوتَى لكَثرَتِهم أنْ يَجتَزِئوا بغَسلةٍ واحِدةٍ بغيرِ وُضوءٍ، يُصبُّ عليهم الماءُ صَبًّا.