للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يَكونَ المَأمورُ به هو النَّاقِصَ، والمَنهِيُّ عنه هو الكامِلَ، ولأنَّ القَصد مِنْ العِيدِ إظهارُ الزِّينةِ والفَخرِ، وإعلانُ جَمالِ الإِسلامِ وزِينَتِه وعَساكِرِه، وذلك إنَّما يَتبيَّنُ في الصَّحراءِ والفَضاءِ والمَواضعِ الواسِعةِ، ولأنَّه لم يُنقَل عن النَّبيِّ أنَّه صلَّى العِيدَ بمَسجدِه إلا مِنْ عُذرٍ، فعَن أَبي هُريرةَ : «أنَّه أَصابَهم مَطرٌ في يَومِ عِيدٍ، فَصلَّى بِهم النَّبيُّ صَلاةَ العِيدِ في المَسجدِ» (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولأنَّ هذا إِجماعُ المسلِمينَ، فإنَّ الناسَ في كلِّ عَصرٍ ومِصرٍ يَخرُجونَ إلى المُصلَّى، فيُصلُّونَ العِيدَ مع سَعةِ المَسجدِ وضِيقِه، وكانَ النَّبيُّ يُصلِّي في المُصلَّى مع شَرفِ مَسجدِه (٢).

وقالوا: ولا بَأسَ أن يَستخلِفَ الإمامُ غيرَه في البَلدةِ لِيصلِّيَ في المَسجدِ بالضُّعفاءِ وذَوي العَجزِ منهم الذينَ لا طاقةَ لهم بالخُروجِ بها إلى الصَّحراءِ؛ لمَا رَواه الشافِعيُّ وغيرُه أنَّ علِيًّا : «أمَرَ رَجلًا أَنْ يُصلِّيَ بضَعفَةِ النَّاسِ يومَ العِيدِ أربعَ رَكَعاتٍ في المَسجدِ» (٣).

أمَّا الشافِعيةُ فقالوا: السُّنةُ أن تُصلِّيَ صَلاةَ العِيدِ في المُصلَّى إذا كانَ مَسجدُ البَلدِ ضَيِّقًا؛ لمَا رُويَ أنَّ النَّبيَّ : «كانَ يَخرجُ إلى


(١) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه أبو داود (١١٦٠)، وابن ماجه (١٣١٣).
(٢) «المغني» (٣/ ١٠٥).
(٣) رواه الشافعي في «الأُم» (٧/ ١٦٧)، وابن أبي شَيبةَ في «المصنف» (٢/ ٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٣/ ٣١٠)، وابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ٢٥٧)، وقال النَّووي في «المجموع» (٦/ ٥٥): إسنادُه صَحيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>