للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الاسمِ إلا أنَّ أَصحابَ الفَرائضِ قُدِّموا على غيرِهم مِنْ ذَوي الأَرحامِ لقُوَّةِ قَرابتِهم؛ ألا تَرى أنَّهم يُقدَّمونَ في الإِرثِ فكانوا أَحقَّ به.

ومِن حيثُ السُّنةِ قولُه : «مَنْ ترَكَ مالًا فلِلوارِثِ» (١)، ولأنَّ القَرابةَ عِلةٌ لاستِحقاقِ الكلِّ؛ لأنَّ المَيتَ قَدْ استَغنَى عن المالِ، فلَو لَم يَنتقِلْ إلى أَحدٍ يَبقَى سائِبةً، والقَريبُ أَولى النَّاسِ به فيَستَحقُّه بالقَرابَةِ صِلةً، إِلَّا أنَّها تَقاعَدَت عن استِحقاقِ الكلِّ عندَ الاجتِماعِ للمُزاحَمةِ بالإِجماعِ فبقِيَت مُفيدةً له عندَ الانفِرادِ، فوجَبَ أنْ يَستحِقَّ صاحِبُ السَّهمِ بقَدرِ سَهمِه حَالةَ المُزاحَمةِ، والفاضِل عن سَهمِه حَالةَ الانفِرادِ.

وما رُويَ «أنَّ النَّبيَّ دخَلَ على سَعدٍ يَعودُه فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي مالًا ولا يَرثُني إلا ابنَتِي» الحَديث، ولَم يُنكِرْ عليه رَسولُ اللهِ حَصرَ المِيراثِ على ابنَتِه، ولولا أنَّ الحُكمَ كذلك لأَنكَرَ عليه ولَم يُقرَّه على الخَطإِ لا سِيَّما في مَوضعِ الحاجةِ إلى البَيانِ.

وكذا رُويَ أنَّ امرَأةً أتَت إلى النَّبيِّ فقالَت: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي تَصدَّقْت على أمِّي بجارِيةٍ فماتَت أميِّ وبقِيَت الجاريةُ، فقالَ: «وجَبَ أَجرُك، ورجَعَت إليك في المِيراثِ» فجعَلَ الجارِيةَ راجِعةً إليها بحُكمِ المِيراثِ، وهذا هو الردُّ، ولأنَّ أَصحابَ الفَرائضِ ساوَوا الناسَ كلَّهم، وتَرجَّحوا بالقَرابةِ فيتَرجَّحونَ بذلك مِنْ المُسلِمينَ.


(١) أخرجه البخاري (٢٣٩٨)، ومسلم (١٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>