للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصلحةً أكثَرَ من غيرِه وما يَكونُ أقرَبَ إلى كِتابِ اللهِ تَعالى وسُنةِ نَبيِّه وما أجمَعَت عليه الأُمةُ.

وقد قالَ القاسِمُ بنُ مُحمدٍ : لقد وسَّعَ اللهُ على الناسِ باختِلافِ أَصحابِ مُحمدٍ ، أيَّ ذلك أخَذتُ لم يَكُنْ في نَفسي منه شَيءٌ (١).

وقالَ عُمرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ : ما أُحبُّ أنَّ أَصحابَ مُحمدٍ لم يَختلِفوا؛ لأنَّه لو كانَ قَولًا واحِدًا كانَ الناسُ في ضِيقٍ، وإنَّهم أئِمةٌ يُقتَدى بهم، وإذا أخَذَ الرَّجلُ بقَولِ أحدِهم كانَ في سَعةٍ (٢).

ثالثًا: أنَّ الفُقهاءَ وأئِمةَ المَذاهبِ حين يَختلِفونَ في قَضيةٍ أو مَسألةٍ مُعيَّنةٍ ويَكونُ لكلٍّ منهم رأيُه الخاصُّ به لم يَكونوا يَتعصَّبونَ لآرائِهم، بل وكانوا يُحذِّرونَ تَلاميذَهم من التَّعصُّبِ لآرائِهم أو تَقديسِ أَقوالِهم فقد رُويَ عن الإِمامِ أبي حَنيفةَ قَولُه: «رَأيُنا صَوابٌ يَحتملُ الخَطأَ، ورَأيُ غيرِنا خَطأٌ يَحتملُ الصَّوابَ» كما رُويَ عن الإِمامِ مالِكٍ قَولُه: «كلُّ أحدٍ يُؤخذُ من قَولِه ويُردُّ إلا قَولَ صاحِبِ هذه الرَّوضةِ» يَقصدُ الرَّسولَ .

ورُويَ عن الإِمامِ الشافِعيِّ قَولُه: «إذا صَحَّ الحَديثُ فاضرِبوا بقَولي عُرضَ الحائِطِ» أي: جانِبَه.


(١) «الفقيه والمتفقه» (٢/ ١١٦) للخطيب البغدادي، و «الاعتصام» (٢/ ١٧٠) للشاطبي، و «إجمال الإصابة» (٨٠).
(٢) «إجمال الإصابة» ص (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>