للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا علِمَ أنَّ أحدَهما ماتَ أولًا، ولا يَدرِي أيَّهما هو؛ لتَحقُّقِ التَّعارُضِ بينَهما فيُجعَلُ كأنَّهما ماتا معًا، وقالَ في «المحيط»: فيُجعَلُ كأنَّهما ماتا معًا، وكذلك لو تقَدمَ مَوتُ أحدِهما إلا أنَّه لا يَدرِي المُتقدِّمَ مِنْ المُتأخِّرِ؛ لأنَّ سَببَ الإِرثِ ثابتٌ للمُتأخِّرِ منهما لكنَّ المُستحِقَّ مَجهولٌ فتَعذَّرَ الإِثباتُ لأحدِهما، وصارَ كما لو أَعتَقَ إِحدَى أَمتَيه بعَينِها ثم نسِيَها لا يَحلُّ له وَطؤُهما لجَهالةِ المَملوكةِ.

وقالَ في الأَرفادِ: أو ماتَ أَحدُهما قبلَ الآخرِ وأَشكَلَ السابقُ جُعِلوا كأنَّهم ماتوا معًا، فمالُ كلِّ واحدٍ لوَرثتِه الأَحياءِ، ولا يَرثُ بعضُ الأَمواتِ من بعضٍ، هذا مَذهبُ أَبي حَنيفةَ. اه وذكَرَ ذلك أيضًا في «سَكب الأَنُهر» و «شَرح الكَنز» للمَقدِسيِّ، وقد لخَّصْت ذلك في «الرَّحيق المَختوم»، وذكَرْت فيه أنَّ المُتبادِرَ مِنْ هذه العِباراتِ كلِّها أنَّ محلَّ النِّزاعِ هو الحالةُ الثانِيةُ، وهي ما إذا علِمَ التَّلاحُقَ، وجهِلَ عَينَ السابقِ، وقد خصَّه في «سَكب الأَنُهر» بالخامِسةِ، وهي ما إذا علِمَ السابقَ بعَينِه ثم أَشكَلَ، ولعلَّه أخَذَه مِنْ قولِ العَلامةِ قاسِم إنَّه قولُ الشافِعيةِ؛ فإنَّ الشافِعيةَ ذكَروا ذلك في الخامِسةِ فقط كما في «شَرح التَّرتيب» للشَّنشورِيِّ لكنْ إذا جَرى النِّزاعُ في الثانِيةِ يَجرِي في الخامِسةِ بالأَولَى، تأَمَّلْ قولَه: (أنَّه لو ماتَ أَحدُهما) -أيْ: أَولًا- كما في حاشِيةِ شَيخِه (١).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٧٩٨، ٧٩٩)، ويُنظَر: «المبسوط» (٣٠/ ٢٧، ٢٩)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٤٥٤، ٤٥٥)، و «شرح مختصر الطحاوي للجصاص» (٤/ ٧٩)، و «الاختيار» (٥/ ١٣٥، ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>