للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ: حدَّثَنا عبدُ العَزيزِ بنُ مُحمدٍ عن جَعفرِ بنِ مُحمدٍ عن أبِيه أنَّ أمَّ كُلثومٍ بنتَ عليٍّ تُوفِّيت هي وابنُها زَيدُ بنُ عُمرَ فالتَقَت الصَّيحَتانِ في الطَّريقِ فلَم يُدرَ أيُّهما ماتَ قبلَ صاحبِه فلَمْ تَرثْه ولَم يَرثْها»، وأنَّ أهلَ صِفينَ وأهلَ الحَرةِ لَم يَتوارَثوا، ولأنَّ شَرطَ التَّوريثِ حَياةُ الوارثِ بعدَ مَوتِ المَوروثِ وهو غيرُ مَعلومٍ، ولا يَثبتُ التَّوريثُ معَ الشكِّ في شَرطِه، ولأنَّه لَم تُعلَمْ حياتُه حينَ مَوتِ مَوروثِه فلَم يَرثْه، كالحَملِ إذا وضعَتْه مَيتاً؛ ولأنَّ الأصلَ عَدمُ التَّوريثِ فلا نُثبِتُه بالشكِّ، ولأنَّ تَوريثَ كلِّ واحدٍ منهما خَطأٌ يَقيناً؛ لأنَّه لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ مَوتُهما معًا أو سبَقَ أحدُهما به، وتَوريثُ السابقِ بالمَوتِ والمَيتِ معَه خَطأٌ يَقينًا مُخالِفٌ للإِجماعِ، فكيف يُعملُ به؟

فإنْ قيلَ: ففي قَطعِ التَّوريثِ قَطعُ تَوريثِ المَسبوقِ بالمَوتِ وهو خَطأٌ أيضًا، قُلنا: هذا غيرُ مَتيقَّنٍ؛ لأنَّه يَحتَملُ مَوتَهما جَميعًا، فلا يَكونُ فيهما مَسبوقٌ، وقد احتَجَّ بعضُ أَصحابِنا بما رَوى إِياسُ بنُ عبدِ اللهِ المُزنِيِّ أنَّ النَّبيَّ سُئلَ عن قومٍ وقَعَ عليهم بَيتٌ فقالَ: «يَرثُ بعضُهم بعضًا» (١) والصَّحيحُ: أنَّ هذا إنَّما هو عن إِياسٍ نفسِه، وأنَّه هو المَسؤولُ وليسَ بروايةٍ عن النَّبيِّ ، هكذا رَواه سَعيدٌ في سُننِه وحَكاهُ الإمامُ أحمدُ عنه.


(١) صَحِيحٌ مَوقوفًا: رواه عبد الرزاق في «المصنف» (١٩١٥٩)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٣١٩٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>