للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحدِهما، واحتَملَ تَأخُّرُه، فوقَعَ الشكُّ في استِحقاقِه المِيراثَ، واستِحقاقُ الأَحياءِ مُتيقَّنٌ فلا يُعارضُه الشكُّ، ولأنَّ أَحدَهما إنْ جُعلَ حيًّا حتى ورِثَ مِنْ الآخرِ كيف يُجعَلُ ميتًا حتى يَرثُه الآخرُ؟

ومِثالُه أيضًا: لو ماتَ رَجلٌ وزَوجتُه وثَلاثُ بَنينَ له منها تحتَ هَدمٍ وجُهلَ مَوتُ السابقِ منهم وترَكَ الأبُ زَوجةً أُخرَى وترَكَت الزَّوجةُ ابنًا لها من غيرِ زَوجِها الميتِ فللزَّوجةِ الرُّبعُ، وما بقِيَ للعاصِبِ، ومالُ الزَّوجةِ لابنِها الحيِّ، وسُدسُ مالِ البَنينَ لأخِيهم لأمِّهم وباقِيه للعاصِبِ.

والدَّليلُ عليه أيضًا ما رَوى سَعيدٌ: حدثَّنا إِسماعيلُ بنُ عَياشٍ عن يَحيَى بنِ سَعيدٍ «أنَّ قَتلَى اليَمامةِ وقَتلَى صِفينَ والحَرةِ لَم يُورِّثوا بعضَهم مِنْ بعضٍ وورَّثوا عَصبتَهم الأَحياءَ».

وقالَ: حدَّثَنا عبدُ العَزيزِ بنُ مُحمدٍ عن جَعفرِ بنِ مُحمدٍ عن أبِيه أنَّ أمَّ كُلثومٍ بنتَ عليٍّ تُوفِّيت هي وابنُها زَيدُ بنُ عَمرَ، فالتَقَت الصِّيحَتانِ في الطَّريقِ فلَم يُدرَ أيُّهما ماتَ قبلَ صاحبِه، فلَم تَرثْه ولَم يَرثْها، وأنَّ أهلَ صِفينَ وأهلَ الحَرةِ لَم يُتوارَثوا؛ ولأنَّ شَرطَ التَّوريثِ حَياةُ الوارثِ بعدَ مَوتِ المَوروثِ وهو غيرُ مَعلومٍ، ولا يَثبتُ التَّوريثُ معَ الشكِّ في شَرطِه، ولأنَّه لَم تُعلَمْ حَياتُه حينَ مَوتِ مَوروثِه فلَم يَرثْه كالحَملِ إذا وضعَتْه مَيتاً؛ ولأنَّ الأصلَ عدمُ التَّوريثِ فلا نُثبِتُه بالشكِّ، ولأنَّ تَوريثَ كلِّ واحدٍ منهما خَطأٌ يَقينًا؛ لأنَّه لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ مُوتُهما معًا أو سبَقَ أَحدُهما به، وتَوريثُ السابقِ بالمَوتِ والمَيتِ معَه خَطأٌ يَقينًا مُخالِفٌ للإِجماعِ فكيف يُعمَلُ به؟

<<  <  ج: ص:  >  >>