قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ ﵀: وأَجمَعوا على أنَّ الإِخوةَ مِنْ الأبِ والأمِّ ومِن الأبِ ذُكورًا أو إِناثًا لا يَرثونَ معَ الابنِ ولا ابنِ الابنِ وإنْ سفَلَ ولا معَ الأبِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسأَلةٌ: قالَ: والأَخواتُ معَ البَناتِ عَصبةٌ لهن ما فضَلَ وليسَت لهن معَهن فَريضةٌ مُسمَّاةٌ.
العَصبةُ: هو الوارثُ بغيرِ تَقديرٍ، وإذا كان معَه ذو فَرضٍ أخَذَ ما فضَلَ عنه قلَّ أو كثُرَ، وإنِ انفَردَ أخَذَ الكلَّ، وإنِ استَغرقَت الفُروضُ المالَ سقَطَ، والمُرادُ بالأَخواتِ هاهُنا الأَخواتُ مِنْ الأَبوَينِ أو مِنْ الأبِ؛ لأنَّه قد ذكَرَ أنَّ وَلدَ الأمِّ لا مِيراثَ لهم معَ الوَلدِ، وهذا قولُ عامَّةِ أهلِ العِلمِ يُروى ذلك عن عُمرَ وعليٍّ وزَيدٍ وابنِ مَسعودٍ ومُعاذٍ وعائشةَ ﵃، وإليه ذهَبَ عامَّةُ الفُقهاءِ إلَّا ابنُ عَباسٍ ومَن تابَعَه؛ فإنَّه يُروَى عنه أنَّه كانَ لا يَجعلُ الأَخواتِ معَ البَناتِ عَصبةً، فقالَ في بِنتٍ وأُختٍ: للبِنتِ النِّصفُ، ولا شيءَ للأُختِ، فقِيلَ له: إنَّ عُمرَ قَضى بخِلافِ ذلك؛ جعَلَ للأُختِ النِّصفَ، فقالَ ابنُ عَباسٍ: أَنتم أَعلمُ أمِ اللهُ، يُريدُ قولَ اللهِ سُبحانَه: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ [النساء: ١٧٦]، فإنَّما جعَلَ لها المِيراثَ بشَرطِ عَدمِ الوَلدِ.
والحقُّ فيما ذهَبَ إليه الجُمهورُ؛ فإنَّ ابنَ مَسعودٍ قالَ في بِنتٍ وبِنتِ ابنٍ وأُختٍ: لأَقضِينَّ فيها بقَضاءِ رَسولِ اللهِ ﷺ: «للبِنتِ النِّصفُ ولبِنتِ الابنِ السُّدسُ وما بقِيَ فللأُختِ» رَواه البُخاريُّ، وغيرُه واحتِجاجُ
(١) «الإجماع» (٢٩٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute