للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ المَولَى المُنعمُ لمَّا قُدِّمَ على ذَوي الأَرحامِ دلَّ أنَّه لا حقَّ لهم في الإِرثِ؛ لأنَّ الوَلاءَ لا يَتقَدمُ على النَّسبِ.

فعلى هذا يُردُّ المالُ كلُّه إلى بَيتِ المالِ في فَقدِهم كلِّهم أو الباقِي في فَقدِ بَعضِهم بعدَ الفُروضِ لبَيتِ المالِ، سَواءٌ انتَظمَ أَمرُه بإمامٍ عادِلٍ يَصرِفُه في جِهتِه أمْ لَا؛ لأنَّ الإِرثَ للمُسلِمينَ، والإِمامَ ناظِرٌ ومُستَوفٍ لهُم، والمُسلِمونَ لَم يُعدَموا، وإنَّما عُدمَ المُستَوفِي لهم، فلَم يُوجبْ ذلك سُقوطَ حقِّهم، هذا عندَ المالِكيةِ في المَشهورِ وهو مَنقولُ المَذهبِ في الأَصلِ عندَ الشافِعيةِ، أنَّه يُعطَى لبَيتِ المالِ سَواءٌ كانَ مُنتَظمًا أو غيرَ مُنتَظمٍ.

وقالَ مُتأخِّرو الشافِعيةِ: إذا لَم يَنتَظمْ أَمرُ بَيتِ المالِ لكَونِ الإِمامِ غيرَ عادِلٍ، بأنْ يَردَّ على أَهلِ الفَرضِ غيرِ الزَّوجَينِ؛ لأنَّ المالَ مَصروفٌ إلَيهم أو إلى بَيتِ المالِ بالإِنفاقِ، فإِذا تَعذَّرَت إِحدَى الجِهتَينِ تَعيَّنتِ الأُخرَى (١).

وفي قولٍ للمالِكيةِ: يُدفَعُ إلى ذَوي الأَرحامِ إذا لَم يَكنْ الإمامُ عَدلًا، وعن ابنِ القاسمِ: أنَّه يُتصَدقُ به إلا أنْ يَكونَ الوَالي كعُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ.

وقالُوا: يَنبَغي إذا كانَ الإمامُ غيرَ عادلٍ أن يدفعَ لذَوي الأَرحامِ أو يردَّه على أَهلِ السِّهامِ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٨/ ٧٣، ٧٥)، و «البيان» (٩/ ١٣، ١٥)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٣٣٧، ٣٣٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ١٢٣، ١٢٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣، ١٤)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢١، ٢٢).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٨٥، ١٨٦)، رقم (١٩٤٣)، و «عيون المسائل» للقاضي عبد الوهاب المالكي ص (٦٢٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٨٩)، و «شرح مختصر خليل» (٢٠٧، ٢٠٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٥٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>