للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدَلُّوا على ذلك بقَولِ النَّبيِّ : «لا يَرثُ المُسلمُ الكافرَ ولا يَرثُ الكافرُ المُسلمَ» (١).

قالوا: والمُرتدُّ كافرٌ، فلا يَرثُه المُسلمُ كالكافرِ الأَصليِّ؛ ولأنَّ المُرتدَّ لا يَرثُ أحدًا فلا يَرثُه أحدٌ كالرَّقيقِ، يُوضِّحُه: أنَّه لا يَرثُه مَنْ يُوافِقُه في المِلةِ، والمُوافقةُ في المِلةِ سَببُ التَّوريثِ، والمُخالفةُ في المِلةِ سَببُ الحِرمانِ، فلمَّا لم يَرِثْه مَنْ يُوافقُه في المِلةِ مع وُجودِ سَببِ التَّوريثِ، فلَأنْ يَكونَ لا يَرثُه مَنْ يُخالِفُه في المِلةِ أوْلى، وإذا انتَفَى التَّوريثُ عن مالِه فهو في أحدِ الوَجهَينِ؛ لأنَّه مالُ حَربيٍّ لا أَمانَ له فيَكونُ فَيئًا للمُسلِمينَ، وفي الوَجهِ الآخَرِ هو مالٌ ضائِعٌ فمُصيبُه بَيتُ المالِ كالذِّميِّ إذا ماتَ ولا وارِثَ له مِنْ الكُفارِ، يُوضعُ مالُه في بَيتِ المالِ.

والزِّنديقُ كالمُرتدِّ فيما ذَكَرنا، والزِّنديقُ هو الذي يُظهرُ الإِسلامَ ويَستَسِرُّ الكُفرَ، وهو المُنافِقُ، كانَ يُسمَّى في عَصرِ النَّبيِّ مُنافِقًا، ويُسمَّى اليَومَ زِنديقًا، قالَ أَحمدُ: مالُ الزِّنديقِ في بَيتِ المالِ.

وكذا الساحِرُ كما نَصَّ على ذلك المالِكيةُ (٢).


(١) أخرجه البخاري (٦٣٨٣)، ومسلم (١٦١٤).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٨٣)، و «الاستذكار» (٥/ ٣٦٩)، و «شرح مسلم» للنووي (١١/ ٥٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥٠٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٥٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٢٥)، و «النجم الوهاج» (٦/ ١٧٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤١، ٤٢)، و «المغني» (٦/ ٢٥٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٥٧٢، ٥٧٣)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>