للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا السُّنةُ؛ فما رُويَ عن تَميمٍ الدارِيِّ أنَّه قالَ: «سألتُ رَسولَ اللهِ عن الرَّجلِ يُسلمُ على يَدَي الرَّجلِ، فقال: هو أَولى الناسِ بمَحياه وبمَماتِه» (١). أي: حالَ حَياتِه وحالَ مَوتِه، أَرادَ به مَحياه في العَقلِ ومَماتَه في المِيراثِ.

وأمَّا المَعقولُ؛ فهو أنَّ بَيتَ المالِ إنَّما يَرثُ بوَلاءِ الإِيمانِ فقط؛ لأنَّه بَيتُ مالِ المُؤمِنينَ، قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٧١]، وللمَولى هذا الوَلاءُ ووَلاءُ المُعاقَدةِ، فكانَ أَولى من عامَّةِ المُؤمِنينَ.

ألَا تَرى أنَّ مَولى العَتاقةَ أَولى من بَيتِ المالِ للتَّساوي في وَلاءِ الإِيمانِ والتَّرجيحِ لوَلاءِ العِتقِ، كذا هذا، إلا أنَّ مَولَى المُوالاةِ يَتأخَّرُ عن سائِرِ الأَقاربِ، ومَولى العَتاقةِ يَتقدَّمُ على ذَوي الأَرحامِ؛ لأنَّ الوَلاءَ بالرَّحمِ فَوقَ الوَلاءِ بالعَقدِ فيُخلِفُ عن ذَوي الأَرحامِ، ووَلاءُ العَتاقةِ بما تقدَّمَ من النِّعمةِ بالإِعتاقِ، الذي هو إِحياءٌ وإِيلادٌ، مَعنى الحَقِّ بالتَّعصيبِ من حيثُ المَعنى، ولذلك قالَ: الوَلاءُ لُحمةٌ كلُحمةِ النَّسبِ.

وأمَّا قَولُهما: إنَّ جَماعةَ المُسلِمينَ وَرثتُه فلا يُقدَرُ على إِبطالِ حَقِّهم بالعَقدِ، فنَقولُ: إنَّما يَصيرونَ وَرثتَه إذا ماتَ قبلَ المُعاقَدةِ، فأمَّا بعدَ


(١) حَسَنٌ صحيحٌ: رواه أَبو داود (٢٩١٨)، والترمذي (٢١١٢)، وابن ماجه (٢٧٥٢)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٧/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>