للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثِّيابَ والدابةَ، وذلك شَبيهٌ بالمُضاربةِ، قالَ أَبو يُوسفَ: وقَولُه تَعالى: ﴿فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦] يَجوزُ أنْ يَكونَ مَنسوخًا بقَولِه تَعالى: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ فجعَلَ أَبو يُوسفَ الوَصيَّ في هذه الحالِ كالمُضاربِ في جَوازِ النَّفقةِ من مالِه في السَّفرِ.

قالَ أَبو جَعفرٍ الطَّحاويُّ: رَوى الزُّهريُّ عن القاسِمِ بنِ مُحمدٍ «أنَّ رَجلًا أتى ابنَ عَباسٍ فقالَ: إنْ إلَيَّ مَواشي أَيتامٍ، فهل علَيَّ جُناحٌ أنْ أُصيبَ من رِسلِ مَواشيهم؟ فقالَ ابنُ عَباسٍ: إنْ كُنْتَ تَبغي ضالَّتَها وتَهنأُ جَرباها وتَلوطُ حِياضَها وتَفرُطُ عليها يَومَ وُرودِها فلا جُناحَ عليكَ أنْ تُصيبَ من رِسلِها» فلم يَذكُرْ أنَّ مِقدارَ ما يَصلُ إليه من مالِ اليَتيمِ مِثلُ ما يُصيبُهم من مَنافعِه، فدَلَّ على أنَّه لم يَجعَلْ ذلك بَدلًا ممَّا يَفعلُه الوَليُّ لليَتيمِ.

ورَوى الأعمَشُ عن أَبي وائِلٍ قالَ: قالَ عُمرُ بنُ الخَطابِ : «إنِّي أنزَلتُ مالَ اللهِ تَعالى مِني بمَنزلةِ مالِ اليَتيمِ، ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦]» فاحتمَلَ أنْ يَكونَ مُرادُه القَرضَ أو بغيرِ بَدلٍ.

ورَوى سُفيانُ عن أَبي إِسحاقَ عن حارِثةَ بنِ مُضرِّبٍ قالَ: كتَبَ عُمرُ بنُ الخَطابِ : «إنِّي أنزَلتُ نَفسي مَنزلةَ والي مالِ اليَتيمِ، إذا استَغنَيتُ استَعفَفتُ وإنِ احتَجتُ استَقرَضتُ ثم قَضَيتُ»، ورَوى أَبو الأحوَصِ عن أَبي إِسحاقَ عن يَرفأَ مَولَى عُمرَ عن عُمرَ مِثلَ ذلك، فثبَتَ أنَّه إنَّما كانَ يَرى

<<  <  ج: ص:  >  >>