للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإِمامُ الطَّحاويُّ: رُويَ عن عُمرَ «أنَّه دفَعَ مالَ يَتيمٍ مُضارَبةً»، وقالَ نافِعٌ: «كانَ ابنُ عُمرَ يَكونُ عندَه مالُ اليَتيمِ فربَّما أنفَقَ بعضَه وربَّما أعطَى منه مُضاربةً».

وقالَ القاسِمُ بنُ مُحمدٍ: «كانَت أَموالُنا عندَ عائِشةَ وكانَت تُبضِعُها في البَحرِ» ولا يُروى عن غيرِهم من الصَّحابةِ خِلافُهم، ولم يَختلِفوا على أنَّ للأَبِ أنْ يَتَّجرَ في مالِ الصَّغيرِ وكذلك وَصيُّه (١).

وقالَ الإِمامُ القُرطُبيُّ: تَواتَرت الآثارُ في دَفعِ مالِ اليَتيمِ مُضاربةً والتِّجارةِ فيه، وفي جَوازِ خَلطِ مالِه بمالِه دِلالةً على جَوازِ التَّصرفِ في مالِه بالبَيعِ والشِّراءِ إذا وافَقَ الصَّلاحَ، وعلى جَوازِ دَفعِه مُضاربةً إلى غيرِ ذلك (٢).

إلا أنَّهم اختلَفوا هل للوَصيِّ أنْ يأخُذَ المالَ يُضارِبُ به لنَفسِه على جُزءٍ من الرِّبحِ أو لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ (٣) -وهو وَجهٌ للحَنابلةِ- إلى أنَّه يَجوزُ له أنْ يَعملَ لنَفسِه.

قالَ الحَنفيةُ: للوَصيِّ أنْ يَأخذَ مالَ الصَّغيرِ مُضاربةً؛ لأنَّها تِجارةٌ، لكنْ بشَرطِ الشَّهادةِ على ذلك نَفيًا للتُّهمةِ؛ إذْ ليسَ فيها تَملُّكُ مالِه، وعن مُحمدٍ:


(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٧٣).
(٢) «تفسير القرطبي» (٣/ ٧٣)، ويُنظَر: «روضة الطالبين» (٤/ ٥٧٣)، و «القواعد» لابن رجب ص (١٤٥).
(٣) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>