للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتابعةِ العملِ المُتنازَعِ فيه، وهو جائِزٌ بالإِجماعِ، فتَعيَّنَ فِعلُه وصحَّتِ الصَّلاةُ معه (١).

وقالَ النَّوويُّ : ولا يَجوزُ الصِّياحُ ولا غيرُه مِنْ الكَلامِ، بلا خِلافٍ، فإن صاحَ فبانَ معه حَرفانِ بطَلَت صَلاتُه، بلا خِلافٍ؛ لأنَّه ليسَ مُحتاجًا إليه، بخِلافِ المَشيِ وغيرِه، ولا تَضرُّ الأفعالُ اليَسيرةُ بلا خِلافٍ؛ لأنَّها لا تَضرُّ في غيرِ الخَوفِ؛ ففيه أَولى، وأمَّا الأفعالُ الكَثيرةُ فإن لم تَتعلَّقْ بالقِتالِ بطَلَت الصَّلاةُ بلا خِلافٍ، وإن تَعلَّقَت به كالطَّعناتِ والضَّرباتِ المُتواليةِ، فإن لم يَحتَجْ إليها أُبطِلَت بلا خِلافٍ -أيضًا-؛ لأنَّها عبَثٌ، وإنِ احتاجَ إليها ففيه ثَلاثةُ أَوجُهٍ: أصحُّها عندَ الأكثَرينَ: لا تبطُلُ … ، قِياسًا على المَشيِ، ولأنَّ مَدارَ القِتالِ على الضَّربِ، ولا يَحصلُ المَقصودُ في الأغلَبِ بضَربةٍ وضَربتَينِ، ولا يُمكِنُ التَّفريقُ بينَ الضَّرباتِ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه يُشتَرطُ لجَوازِ الصَّلاةِ بهذه الكَيفيَّةِ ألَّا يُقاتِلَ، قالَ الكاسانِيُّ: وأمَّا شَرائطُ الجَوازِ فمنها ألَّا يُقاتِلَ في الصَّلاةِ، فإن قاتَلَ في صَلاتِه فسَدَت صَلاتُه عندَنا … ؛ لأنَّ النَّبيَّ شُغلَ عن أربَعِ صَلواتٍ يومَ الخَندَقِ فقَضاهُنَّ بعدَ هوِيٍّ مِنْ اللَّيلِ، وقالَ: «شغَلُونا عن الصَّلاةِ الوُسطَى، صَلاةِ العَصرِ، ملَأَ اللَّهُ بُيوتَهم وقُبورَهم نارًا» (٣). فلو


(١) «المغني» (٣/ ١٤٨، ١٤٩)، و «الإفصاح» (١/ ٢٣٠)، و «المجموع» (٥/ ٥٧٠)، والقليوبي (١/ ٣٠٠)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٦٠)، و «بُلغة السالك» (١/ ٣٤٢).
(٢) «المجموع» (٥/ ٥٧٠، ٥٧١).
(٣) رواه البخاري (٢٧٧٣)، ومسلم (٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>