وقالَ الماوَرديُّ: قالَ الشافِعيُّ ﵀ تَعالى: فإنْ تغيَّرَت حالُه أُخرِجت الوَصيةُ من يَدِه وضُمَّ إليه إذا كانَ ضَعيفًا أَمينٌ معه، فإنْ أَوصَى إلى غيرِ ثِقةٍ فقد أخطَأَ على غيرِه فلا يَجوزُ ذلك.
قالَ الماوَرديُّ: ولو أَوصَى إلى ضَعيفٍ ضُمَّ إليه غيرُه من أَبنائِه، فإنْ قيلَ: فهل يَلزمُ الحاكِمَ أنْ يَستكشِفَ عن الأَوصياءِ ووُلاةِ الأَيتامِ أو لا؟ قُلنا: هذا على ضَربَينِ: أَحدُهما يَكونُ فيمَن يَلي بنَفسِه من أَبٍ أو جَدٍّ، فليس للحاكِمِ أنْ يَستكشِفَ عن حالِه، وعليه إِقرارُه على وِلايتِه ونَظرِه حتى يَثبُتَ عندَه ما يُوجبُ زَوالَ نَظرِه من فِسقٍ أو خِيانةٍ، فيَعزلَه حينَئذٍ ويُولِّيَ غيرَه؛ لأنَّ الواليَ بنَفسِه أَقوى نَظرًا من الحاكِمِ، والضَّربُ الثاني: أنْ تَكونَ وِلايتُه بغيرِه، فهذا على ضَربَينِ: أَحدُهما أنْ يَكونَ أَمينَ حاكِمٍ، والثاني أنْ يَكونَ وَصيَّ أَبٍ، فإنْ كانَ أَمينَ الحاكِمِ لم يَجِبْ أنْ يَستكشِفَ عن حالِه إلا أنْ يَثبُتَ عندَه خيانَتُه أو فِسقُه؛ لأنَّ ما وَلَّاه الحاكِمُ قد اعتُبِرَ من حالِه ما صَحَّت به وِلايتُه، وإنْ كانَ وَصيَّ أَبٍ ففيه وَجهانِ: أَحدُهما -وهو قَولُ أَبي إِسحاقَ المَروَزيِّ- لا يَجوزُ استِكشافُ حالِه إلا بعدَ ثُبوتِ فِسقِه، كالأَبِ وأَمينِ الحاكِمِ، والوَجهُ الثاني -وهو الأصَحُّ عندي- أنَّ على الحاكِمِ استِكشافَ حالِه؛ لأنَّه لم يَنفُذْ بوِلايتِه حُكمٌ ولا هو ممَّا تَنتَفي عنه التُّهمةُ كالأَبِ، وقد يَجوزُ أنْ يَكونَ بوَصفِ مَنْ لا يَستحِقُّ النَّظرَ، فافتُقِرَ إلى الكَشفِ (١).