للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألَا تَرى أنَّه قُدِّمَ على أَبي المَيتِ مع وُفورِ شَفقتِه؟ فأوْلى أنْ يُقدَّمَ على غيرِه، وكذا إذا شَكا الوَرثةُ أو بعضُهم المُوصَى إليه، لا يَنبَغي له أنْ يَعزلَه حتى يَبدوَ له منه خِيانةٌ؛ لأنَّه استَفادَ الوِلايةَ من المَيتِ، غيرَ أنَّه إذا ظهَرَت الخِيانةُ فاتَتَ الأَمانةُ، والمَيتُ إنَّما اختارَه لأَجلِها، وليسَ من النَّظرِ إِبقاؤُه بعدَ فَواتِها، وهو لو كانَ حَيًّا لأخرَجَه منها، فيَنوبُ القاضي مَنابَه عندَ عَجزِه، ويُقيمُ غيرَه مَقامَه كأنَّه ماتَ ولا وَصيَّ له (١).

وقالَ الشافِعيةُ: يُشتَرطُ في المُوصَى إليه الهِدايةُ إلى التَّصرفِ في المُوصَى به، فلا يَصحُّ إلى مَنْ لا يَهتَدي إليه لسَفهٍ أو مَرضٍ أو هَرمٍ أو تَغفُّلٍ؛ إذْ لا مَصلحةَ في تَوليةِ مَنْ هذه حالُه (٢).

قالَ الدَّميريُّ: وقالَ الماوَرديُّ: إذا أَوصَى إلى ضَعيفٍ ضَمَّ الحاكِمُ إليه أَمينًا، وهو مُوافِقٌ لمَا سيَأتي إذا طرَأَ الضَّعفُ؛ فإنَّه إذا ضعُفَ نَظرُ الوَصيِّ واختَلَّت كَفاءَتُه وعجَزَ عن ضَبطِ الحِسابِ أو ساءَ تَدبيرُه لكِبَرٍ أو مَرضٍ نصَّبَ القاضي معه مَنْ يَقومُ بذلك ويَسدُّ الخَللَ، ولا يَنعزِلُ بذلك بخِلافِ ما إذا تغيَّرَ حالُه بالفِسقِ، وبخِلافِ ما إذا نصَّبَ الحاكِمُ قيِّمًا وطرَأَ عليه ذلك؛ فإنَّ له عَزلَه وإِقامةَ غيرِه (٣).


(١) «الاختيار» (٥/ ٨٢، ٨٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤٣١)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٨٦)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٢٠٨)، و «اللباب» (٢/ ٥٩٣).
(٢) «كنز الراغبين» (٣/ ٤٣٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٢)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٧٤)، و «الديباج» (٣/ ٩٩).
(٣) «النجم الوهاج» (٦/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>