للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ ابنُ شَطا الدِّمياطيُّ: الإِيصاءُ لُغةً: الإِيصالُ، كالوَصيةِ.

وشَرعًا: إِثباتُ تَصرفٍ مُضافٍ لمَا بعدَ المَوتِ ولو تَقديرًا، وإنْ لم يَكنْ فيه تَبرعٌ، كالإِيصاءِ بالقيامِ على أمرِ أَطفالِه ورَدِّ وَدائِعِه وقَضاءِ دُيونِه؛ فإنَّه لا تَبرعَ في شَيءٍ من ذلك بخِلافِ الوَصيةِ؛ فإنَّه لا بُدَّ فيها من التَّبرعِ (١).

فهذه التَّعاريفُ تُفيدُ بأنَّ الوَصيةَ قد تَكونُ بالتَّبرعِ بالمالِ بعدَ المَوتِ، وقد تَكونُ بإِقامةِ المُوصي غيرَه مَقامَ نَفسِه في أمرٍ من الأُمورِ كتَزويجِ بَناتِه أو الوَصيةِ عليهم بعدَ المَوتِ، فهي شامِلةٌ لكلٍّ منهما على السَّواءِ، فكِلاهما يُطلقُ عليه اسمُ الوَصيةِ.

والصِّلةُ بينَ الوَصيةِ والإِيصاءِ أنَّ كلًّا منهما أمرٌ بالتَّصرفِ لمَا بعدَ المَوتِ، غيرَ أنَّ الوَصيةَ تَمليكٌ، والإِيصاءَ: العَهدُ إلى مَنْ يَقومُ على مَنْ بعدَه.

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: والإِيصاءُ يَعمُّ الوَصيةَ والوَصايا لُغةً، والتَّفرقةُ بينَهما من اصطِلاحِ الفُقهاءِ، وهي تَخصيصُ الوَصيةِ بالتَّبرعِ المُضافِ لمَا بعدَ المَوتِ، والوِصايةِ بالعَهدِ إلى مَنْ يَقومُ على مَنْ بعدَه (٢).

فالإِيصاءُ والوَكالةُ كلٌّ منهما أمرٌ بالتَّصرفِ، إلا أنَّ الفَرقَ بينَهما أنَّ الوَكالةَ أمرٌ بالتَّصرفِ في حَياةِ المُوكِّلِ وأنَّ الإِيصاءَ أمرٌ بالتَّصرفِ بعدَ مَوتِ المُوصي.


(١) «إعانة الطالبين» (٣/ ٤٠٤).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٦٤)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٦)، و «السراج الوهاج» ص (٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>