واحتُجَّ لِأبي يُوسفَ بالآيةِ، قالَ: والتَّغييرُ الذي يَدخلُها كانَ يَنجبِرُ بفِعلِها مع النَّبيِّ ﷺ، بخِلافِ غيرِه.
واحتَجَّ المُزنِيُّ بأنَّ النَّبيَّ ﷺ فاتَه صَلواتٌ يومَ الخَندَقِ، ولو كانَت صَلاةُ الخَوفِ جائِزةً لَفعلَها ولم يُفوِّتِ الصَّلاةَ.
واحتَجَّ أَصحابُنا بالآيةِ الكَريمةِ، والأصلُ هو التَّأسِّى به ﷺ، والخِطابُ معه خِطابٌ لأُمتِه. وبقولِه ﷺ:«صَلُّوا كما رَأيتُمونِي أُصَلِّي». رَواهُ البُخاريُّ، وهو عامٌّ وبإِجماعِ الصَّحابةِ، فقد ثَبَتتِ الآثارُ الصَّحيحةُ عن جَماعةٍ مِنْ الصَّحابةِ ﵃ أنَّهم صَلوها في مَواطنَ بعدَ وَفاةِ رَسولِ اللهِ ﷺ في مَجامعَ بحَضرةِ كِبارٍ مِنْ الصَّحابةِ.
وممَّن صلَّاها: علِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ في حُروبِه بصِفِّينَ وغيرِها، وحضَرَها مِنْ الصَّحابةِ خَلائقُ لا يَنحصِرونَ، ومنهم سَعدُ بنُ أَبي وقَّاصٍ، وأبو مُوسى الأشعَريُّ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ سمُرةَ، وحُذيفَةُ وسَعيدُ بنُ العاصِ، وغيرُهم، وقد رَوى أَحاديثَهمُ البَيهَقيُّ، وبَعضُها في سُننِ أَبي داودَ وغيرِه.
قالَ البَيهَقيُّ: والصَّحابةُ الذينَ رَأَوا صَلاةَ النَّبيِّ ﷺ في الخَوفِ لم يَحمِلها أحَدٌ منهم على تَخصيصِها بالنَّبيِّ ﷺ، ولا بزَمنِه، بل رَواها كلُّ واحدٍ وهو يَعتقدُها مَشروعةً على الصِّفةِ التي رآها (١).
(١) «المجموع» (٥/ ٥٤٠، ٥٤١)، و «سنن البيهقي» (٣/ ٢٥٢)، و «الإفصاح» (١/ ٢٢٨).