للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل نُقضُها -بضَمِّ النُّونِ، بمَعنى: بقايا الهَدمِ منها- للمُوصي أو للمُوصَى له؟ فيه خِلافٌ في المَذهبِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: لو أَوصَى بدارٍ ثم هدَمَها لا يَكونُ رُجوعًا؛ لأنَّ البِناءَ تَبعٌ (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ والمالِكيةُ في قَولٍ إلى أنَّ انهِدامَ الدارِ المُوصَى بها يُعتبَرُ رُجوعًا عن الوَصيةِ؛ لأنَّ اسمَ البِناءِ لا يَتناوَلُه اسمُ الدارِ بعدَ النَّقضِ، فبطَلَت فيه الوَصيةُ لعَدمِ الاسمِ الذي عُلِّق عليه الوَصيةُ (٣).

قالَ الشافِعيةُ: وهَدمُ الدارِ المُبطلُ لاسمِها رُجوعٌ في النَّقضِ من طُوبٍ وخَشبٍ، وفي العَرصةِ أيضًا؛ لظُهورِ ذلك في الصَّرفِ عن جِهةِ الوَصيةِ.

وانْهِدامُها ولو بهَدمِ غيرِه يُبطِلُها في النَّقضِ لبُطلانِ الاسمِ لا في العَرصةِ والأُسِّ إنْ بَقيَ لبَقائِهما بحالِهما، هذا إنْ بطَلَ الاسمُ، وإلا بطَلَ في نَقضِ المُنهدِمِ منها فقط، ولا أثَرَ لانْهِدامِها بعدَ المَوتِ وقبلَ القَبولِ، وإنْ زالَ اسمُها بذلك؛ لاستِقرارِ الوَصيةِ بالمَوتِ وبَقاءِ اسمِ الدارِ يَومئذٍ (٤).


(١) «تحبير المختصر» (٥/ ٥٤١)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٩٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١١/ ١٣)، و «الإنصاف» (٧/ ٢١٥).
(٢) «فتاوى السعدي» (٢/ ٨٢٢)، و «تحفة الفُقهاء» (٣/ ٢٢٤)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ٩٣).
(٣) «المنتقى» (٦/ ١٥٣)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٤).
(٤) «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٠)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>