للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطَبخِ لَحمٍ وغَزلِ قُطنٍ ونَسجِ غَزلٍ وقَطعِ ثَوبٍ قَميصًا وصَبغِه أو قِصارتِه وجَعلِ الخَشبِ بابًا وبِناءٍ وغِراسٍ في عَرصةٍ، فكل ذلك يُعتبَرُ رُجوعًا عن الوَصيةِ لمَعنيَينِ:

أَحدُهما: زَوالُ الاسمِ قبلَ استِحقاقِ المُوصَى له فكان كالتَّلفِ.

والثاني: الإِشعارُ بالإِعراضِ عن الوَصيةِ.

فلو طبَخَ الوَصيُّ اللَّحمَ أو شَواه أو جعَلَه وهو لا يَفسُدُ قَديدًا أو جعَلَ الخُبزَ فَتيتًا أو حَشا القُطنَ فِراشًا أو جُبةً كانَ رُجوعًا؛ لإِشعارِ ذلك بالصَّرفِ عن الوَصيةِ، ولأنَّ القَديدَ لا يُسمَّى لَحمًا على الإِطلاقِ، وإنَّما يُسمَّى لَحمَ قَديدٍ، بخِلافِ ما لو جفَّفَ رُطبًا أو قدَّدَ لَحمًا قد يَفسُدُ؛ فإنَّه ليسَ برُجوعٍ؛ لأنَّ ذلك صَونٌ للرُّطبِ واللَّحمِ عن الفَسادِ فلا يُشعِرُ بتَغيرِ القَصدِ.

وهذا بخِلافِ ما لو خاطَ الثَّوبَ وهو مَقطوعٌ حينَ الوَصيةِ أو غسَلَه أو نقَلَ المُوصَى به إلى مَكانٍ آخَرَ ولو بَعيدًا عن مَحلِّ الوَصيةِ، فلا يَكونُ ذلك رُجوعًا؛ إذْ لا إِشعارَ لكلِّ منها بالرُّجوعِ.

ولو عمَرَ بُستانًا أو أَوصَى به لم يَكنْ رُجوعًا إلا إنْ غيَّرَ اسمَه، كأنْ جعَلَه خانًا أو لم يُغيِّرْه لكنْ أحدَثَ فيه بابًا من عِندِه يَكونُ رُجوعًا (١).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٥٥٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣١٩، ٣٢٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١١٩، ١٢٠)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٦١، ٢٦٣)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ١١٠، ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>