للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ الخَرشيُّ: عَقدُ الوَصيةِ جائِزٌ غيرُ لازِمٍ إِجماعًا، فللمُوصي أنْ يَرجعَ فيها ويُبطلَها ما دامَ حَيًّا، وسَواءٌ اشتَرَط عَدمَ رُجوعِه فيها أو لا، وسَواءٌ كانَت بعِتقٍ أو غيرِه كانَت في صِحتِه أو في مَرضِه أو في سَفرِه (١).

واستدَلَّ العُلماءُ على هذا بما رَواه ابنُ أَبي شَيبةَ عن عَمرِو بنِ شُعيبٍ عن عبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ بنِ أَبي رَبيعةَ أو الحارِثِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أَبي رَبيعةَ قالَ: «قُلتُ لعُمرَ: شَيءٌ يَصنعُه أهلُ اليَمنِ يُوصي الرَّجلُ ثم يُغيِّرُ وَصيتَه. قالَ: ليُغيِّرْ ما شاءَ من وَصيتِه» (٢).

وفي لَفظِ الدارِميِّ عن عبدِ اللهِ بنِ أَبي رَبيعةَ أنَّ عُمرَ بنَ الخَطابِ قالَ: «يُحدِثُ الرَّجلُ في وَصيتِه ما شاءَ ومِلاكُ الوَصيةِ آخِرُها» (٣).

إلا أنَّ المالِكيةَ قالوا بعَدمِ جَوازِ الرُّجوعِ فيما بَتَله المَريضُ في مَرضِ مَوتِه من صَدقةٍ أو حَبسٍ أو هِبةٍ.

قالَ الخَرشيُّ: وأمَّا ما بَتَله (٤) المَريضُ في مَرضِه من صَدقةٍ أو حَبسٍ أو هِبةٍ فليس له الرُّجوعُ فيه، مع أنَّ حُكمَه حُكمُ الوَصيةِ، قالَه في «المُدوَّنة» في كِتابِ الصَّدقةِ، وبالَغَ على الرُّجوعِ في المَرضِ لئلَّا يُتوهَّمَ أنَّ الرُّجوعَ فيه انتِزاعٌ للغيرِ فلا يُعتبَرُ (٥).


(١) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٢).
(٢) رواه ابن أَبي شيبة في «مصنفه» (٦/ ٢١٦)، رقم (٣٠٨٠٤).
(٣) رواه الدارمي (٣٢١١).
(٤) أيْ: فصَله عن غَيرِه. «المعجم الوسيط»: (بتله).
(٥) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>