للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الوَصايا إنَّما تُملكُ بالمَوتِ فاستَوى فيها حُكمُ المُتقدِّمِ والمُتأخِّرِ، وقاسَه الشافِعيُّ على العَولِ في الفَرائضِ.

هذا عندَ الإِطلاقِ، فلو رتَّبَ -كأنْ قالَ: «أَعطوا زَيدًا مِئةً ثم عَمْرًا مِئةً» - جَرى عليه حُكمُ تَرتيبِه.

ولو اجتمَعَ عِتقٌ وغَيرُه -كأنْ أَوصَى بعِتقِ سالِمٍ ولزَيدٍ بمِئةٍ- قُسِّطَ الثُّلثُ عليهما بالقيمةِ للعَتيقِ لاتِّحادِ وَقتِ الاستِحقاقِ، فإذا كانَت قيمَتُه مِئةً وكانَ الثُّلثُ مِئةً عُتقَ نِصفُه ولزَيدٍ خَمسونٌ.

وفي قَولٍ يُقدَّمُ العِتقُ لقُوَّتِه؛ لتَعلُّقِ حَقِّ اللهِ تَعالى وحَقِّ الآدَميِّ.

ولو اجتمَعَ تَبرعاتٌ مُنجَزةٌ -كأنْ أعتَقَ ووقَفَ وتَصدَّقَ ووهَبَ وأبرَأَ- قُدِّم الأولُ منها فالأولُ، حتى يَتمَّ الثُّلثُ لقُوتِه ونُفوذِه؛ لأنَّه لا يَفتقِرُ إلى إِجازةٍ، وسَواءٌ كانَ فيها عِتقٌ أو لا، اتَّحدَ جِنسُها أو لا، ويَتوقَّفُ ما بَقيَ منها على إِجازةِ الوارِثِ.

فإنْ وُجدَت هذه التَّبرعاتُ دُفعةً -إمَّا مِنه أو بوَكالةٍ- واتَّحدَ الجِنسُ فيها كعِتقِ عَبيدٍ أو إِبراءِ جَمعٍ، كقَولِه: «أعتَقتُكم أو أبرَأتُكم» أُقرعَ في العِتقِ خاصَّةً؛ حَذرًا من التَّشقيصِ في الجَميعِ؛ لخَبَرِ مُسلمٍ: «إنَّ رَجلًا أعتَقَ سِتةَ مَملوكينَ له عندَ مَوتِه، ولم يَكنْ له مالٌ غيرُهم، فدَعاهم رَسولُ اللهِ فجَزَّأهم أَثلاثًا وأقرَعَ بينَهم، فأعتَقَ اثنَينِ وأرَقَّ أربَعةً».

وقُسِّطَ بالقيمةِ في غيرِه، كما لو وهَبَ جَماعةٌ وقبِلوا معًا وقبَضوا معًا، أو حابَى جَماعةً، والتَّقسيطُ في جَميعِ ذلك باعتِبارِ القيمةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>