للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ الحَجُّ المُوصَى به صَرورةً، أي: حَجةَ الإِسلامِ؛ فإنَّ المُوصَى بعِتقِه غيرَ المُعيَّنِ والصَّرورةَ يَتحاصَّانِ، ولا يُقدَّمُ أَحدُهما على الآخَرِ (١).

قالَ الإِمامُ القُرطُبيُّ : قَولُه: «فدَينُ اللهِ أحَقُّ أنْ يُقضَى»؛ فإنَّه ليسَ على ظاهِرِه إِجماعًا؛ فإنَّ دَينَ العَبدِ أَولى بالقَضاءِ وبه يُبدأُ إِجماعًا لفَقرِ الآدَميِّ واستِغناءِ اللهِ تَعالى، قالَه ابنُ العَربيِّ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إذا اجتمَعَ في وَصيةٍ تَبرعاتٌ مُتعلِّقةٌ بالمَوتِ وإنْ كانَت مُرتبةً وعجَزَ الثُّلثُ عنها ولم يُوفَّ بها، فإنْ تمحَّضَ العِتقُ كأنْ قالَ: «إذا مِتُّ فأنتُم أَحرارٌ، أو غانِمٌ وسالِمٌ وبَكرٌ أَحرارٌ» أُقرِعَ بينَهم، فمَن قُرعَ عُتقَ منه ما يَكفي الثُّلثَ، وهذا عندَ الإِطلاقِ، أمَّا إذا قالَ: «أَعتِقوا سالِمًا بعدَ مَوتي ثم غانِمًا ثم بكرًا»؛ فإنَّه يُقدَّمُ ما قدَّمَه جَزمًا.

أو تَمحَّضَت تَبرعاتُ غيرِه قُسِّط الثُّلثُ على الجَميعِ باعتِبارِ القيمةِ أو المِقدارِ كما تُقسَّمُ التَّركةُ بينَ أَربابِ الدُّيونِ، فلو أَوصَى لزَيدٍ بمِئةٍ ولبَكرٍ بخَمسينَ ولعُمرَ بخَمسينَ وثُلثُ مالِه مِئةٌ أُعطيَ الأولُ خَمسينَ وكلٌّ من الآخَرَينِ خَمسةً وعِشرينَ، ولا يُقدَّمُ بعضُها على بَعضٍ بالسَّبقِ؛


(١) «البيان والتحصيل» (٤/ ٤٧، ٤٨)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٨٣، ١٨٥)، و «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٦/ ٥١٥، ٥١٩)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٦٣، ٥٦٥)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٥٧، ٤٦١)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٨٣).
(٢) «تفسير القرطبي» (٤/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>