للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الذي ذَكَرنا إذا لم يَكنْ في الوَصايا بالقُرَبِ إِعتاقٌ مُنجَزٌ، وهو الإِعتاقُ في مَرضِ المَوتِ، أو إِعتاقٌ مُعلَّقٌ بالمَوتِ، وهو التَّدبيرُ، فإنْ كانَ تقدَّمَ ذلك لأنَّ الإِعتاقَ المُنجَزَ والمُعلَّقَ بالمَوتِ لا يَحتمِلُ الفَسخَ فكانَ أَقوَى فيُقدَّمُ …

وإنْ كانَت الوَصايا بعضُها للهِ وبعضُها للعِبادِ، فإنْ أَوصَى لقَومٍ بأَعيانِهم يَتضارَبونَ بوَصاياهم في الثُّلثِ، ثم ما أَصابَ العِبادَ فهو لهم لا يُقدِّمُ بعضَهم على بعضٍ لما نُبيِّنُ، وما كانَ للهِ يَجمعُ ذلك فيُبدأُ منها بالفَرائضِ ثم بالواجِباتِ ثم بالنَّوافلِ.

وإنْ كانَ مع الوَصايا للهِ وَصيةٌ لواحِدٍ مُعيَّنٍ من العِبادِ فإنَّه يُضربُ بما أَوصَى له به مع الوَصايا بالقُرَبِ وتُجعلُ كلُّ جِهةٍ من جِهاتِ القُرَبِ مُفرَدةً بالضَّربِ، فإنْ قالَ: «ثُلثُ مالي في الحَجِّ والزَّكاةِ والكَفاراتِ ولزَيدٍ»؛ فإنَّ الثُّلثَ يُقسَمُ على أربَعةِ أسهُمٍ، هي: سَهمٌ للمُوصَى له، وسَهمٌ للحَجِّ، وسَهمٌ للزَّكاةِ، وسَهمٌ للكَفاراتِ؛ لأنَّ كلَّ جِهةٍ من هذه الجِهاتِ غيرُ الأُخرى، فتُفردُ كلُّ جِهةٍ بسَهمٍ، كما لو أَوصَى بثُلثِ مالِه لقَومٍ مُعيَّنينَ.

فإنْ قيلَ: جِهاتُ القُرَبِ -وإنْ اختَلفَت- المَقصودُ منها كلِّها واحِدٌ، وهو طَلبُ مَرضاةِ اللهِ وابتِغاءُ وَجهِه الكَريمِ، فيَنبَغي أنْ يُضربَ للمُوصَى له بسَهمٍ، وللقُرَبِ بسَهمٍ، فالجَوابُ: إنْ كانَ المَقصودُ من الكُلِّ واحِدًا -وهو ابتِغاءُ وَجهِ اللهِ ﷿ وطَلبُ مَرضاتِه- فالجِهةُ مَنصوصٌ عليها فيَجبُ اعتِبارُها، كما لو أَوصَى بثُلثِ مالِه للفُقراءِ والمَساكينِ وأَبناءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>