للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتِداءً، والمَنذورُ به وجَبَ بإِيجابِ العَبدِ وقد تعلَّقَ وُجوبُه أيضًا بسَببِ مُباشَرةِ العَبدِ فتُقدَّمُ الصَّدقةُ.

والإِشكالُ عليه: أنَّ صَدقةَ الفِطرِ من الواجِباتِ لا من الفَرائضِ؛ لأنَّ وُجوبَها ثبَتَ بدَليلٍ غيرِ مَقطوعٍ به، بل بدَليلٍ فيه شُبهةُ العَدمِ، ولهذا لا يَكفرُ جاحِدُه والوَفاءُ بالمَنذورِ به فَرضٌ؛ لأنَّ وُجوبَه ثبَتَ بدَليلٍ مَقطوعٍ به، وهو النَّصُّ المُفسِّرُ من الكِتابِ الكَريمِ، قالَ اللهُ : ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩]، والفَرضُ مُقدَّمٌ على الواجِبِ، ولهذا يَكفرُ جاحِدُ وُجوبِ الوَفاءِ بالنَّذرِ.

وفي كِتابِ اللهِ ﷿ دَليلٌ عليه، وهو قَولُه : ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧)[التوبة: ٧٥، ٧٧]، والمَنذورُ به مُقدَّمٌ على الأُضحيةِ؛ لأنَّه واجِبُ الوَفاءِ بيَقينٍ، وفي وُجوبِ الأُضحيةِ شُبهةُ العَدمِ؛ لكَونِه مَحلَّ الاجتِهادِ، والأُضحيةُ تُقدَّمُ على النَّوافلِ؛ لأنَّها واجِبةٌ عندَ أَبي حَنيفةَ ، وسُنةٌ مُؤكَّدةٌ عندَهما، وعندَ الشافِعيِّ ، والواجِبُ والسُّنةُ المُؤكَّدةُ أَولى من النافِلةِ، فالظاهِرُ من حالِ المُوصي أنَّه قصَدَ تَقديمَها على النافِلةِ تَحسينًا للظَّنِّ بالمُسلمِ، إلا أنَّه ترَكَه سَهوًا، فيُقدَّمُ بدِلالةِ حالةِ التَّقديمِ وإنْ أخَّرَه بالذِّكرِ على سَبيلِ السَّهوِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>