للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ القاضي عبدُ الوَهابِ المالِكيُّ: مَسألةٌ: إذا فرَّطَ في زَكاةٍ؛ فإنَّه إنْ أَوصَى لزِمَ الوَرثةَ إِخراجُها من الثُّلثِ خِلافًا للشافِعيِّ في قَولِه: تَكونُ من رأسِ المالِ؛ لأنَّه يُتَّهمُ أنَّه أَرادَ الانتِفاعَ بالمالِ حَياتَه وصَرْفَه عن وَرثتِه بعدَه، فكانَت كالوَصايا، وفارَقَت الدُّيونَ.

وإذا لم يُوصِ بها ولم يُعلَمْ صِحةُ دَعواه بغيرِ قَولِه لم يَلزمِ الوَرثةَ إِخراجُها عنه خِلافًا للشافِعيِّ؛ لأنَّ إِخراجَها مَوكولٌ إلى أَمانتِه، فيَجوزُ أنْ يَكونَ قد أخرَجَها من حيثُ لا يَعلمُ غيرُه.

وإذا زاحَمَتها الوَصايا قُدِّمت على ما هو أضعَفُ منها خِلافًا لأَبي حَنيفةَ في قَولِه: إنَّها وسائِرَ الوَصايا سَواءٌ؛ لأنَّها آكَدُ من غيرِها؛ لأنَّه لولا التُّهمةُ لكانَت من رأسِ المالِ (١).

ومُعتمَدُ مَذهبِ المالِكيةِ أنَّ زَكاةَ العَينِ لها أَحوالٌ أربَعةٌ:

الحالةُ الأُولى: إنِ اعتَرفَ بحُلولِها وبَقائِها في ذِمتِه من غيرِ إِخراجٍ لها وأَوصَى بإِخراجِها، وذلك بأنْ يَقولَ: «وجَبَ علَيَّ في هذه السَّنةِ زَكاةٌ عَشرةُ دَنانيرَ وهي باقيةٌ في ذِمَّتي، أُوصيكم بإِخراجِها»؛ فإنَّها تُخرَجُ وتَكونُ من رأسِ المالِ جَبرًا على الوَرثةِ.

الحالةُ الثانيةُ: وإنِ اعتَرَف بحُلولِها، ولم يَعتَرِفْ ببَقائِها ولم يُوصِ بإِخراجِها لا يُجبَرون على إِخراجِها، لا من الثُّلثِ ولا من رأسِ المالِ،


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٨٣، ١٨٤)، رقم (١٩٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>