عَبثًا وسَفهًا لم يَكنْ فيه حُجةٌ على تَناولِ المالِ، فكيف إذا ألزَمَ بمُباحٍ لا غَرضَ له فيه؟ فلا يَنتفِعُ به في الدُّنيا ولا في الآخِرةِ، بل يَبقَى هذا مُنفِقًا للمالِ في الباطِلِ مُسخَّرًا مُعذَّبًا آكِلًا للمالِ بالباطِلِ.
وإذا كانَ الشارِعُ ﷺ قد قالَ:«لا سَبقَ إلا في خُفٍّ أو حافِرٍ أو نَصلٍ» فلم يُجوِّزْ بَذلَ الجُعلِ في شَيءٍ لا يُستعانُ به على الجِهادِ وإنْ كانَ مُباحًا، وقد يَكونُ فيه مَنفعةٌ كما في المُصارعةِ والمُسابقةِ على الأَقدامِ، فكيف يُبذَلُ العِوضُ المُؤبَّدُ في عَملٍ لا مَنفعةَ فيه، لا سيَّما والوَقفُ مُحبَّسٌ مُؤبَّدٌ، فكيف يُحبسُ المالُ دائِمًا مُؤبَّدًا على عَملٍ لا يَنتفِعُ به هو ولا يَنتفِعُ به العامِلُ؟ فيَكونُ في ذلك ضَررٌ على حَبسِ الوَرثةِ وسائِرِ الآدَميِّينَ بحَبسِ المالِ عليهم بلا مَنفعةٍ حصَلَت لأحَدٍ، وفي ذلك ضَررٌ على المُتناوِلينَ باستِعمالِهم في عَملٍ هُمْ فيه مُسخَّرونَ يَعوقُهم عن مَصالِحهم الدِّينيةِ والدُّنيويةِ، فلا فائِدةَ تَحصُلُ له ولا لهم (١).
وقالَ أيضًا: القِسمُ الثالِثُ: عَملٌ ليسَ بمَكروهٍ في الشَّرعِ وليسَ بمُستحبٍّ، بل هو مُباحٌ مُستَوِي الطَّرفَينِ، فهذا قالَ بعضُ العُلماءِ بوُجوبِ الوَفاءِ به، والجُمهورُ من العُلماءِ من أهلِ المَذاهبِ المَشهورةِ وغيرُهم على أنَّه شَرطٌ باطِلٌ ولا يَصحُّ عندَهم أنْ يُشتَرطَ إلا ما كانَ قُربةً إلى اللهِ تَعالى، وذلك أنَّ