لي أنَّه كَثيرٌ» فإنْ كانَ مع المُوصَى له بَيِّنةٌ أنَّ الوارِثَ يَعلمُ قَدرَ ما أَجازَه لزِمَته الإِجازةُ في الجَميعِ.
وإنْ لم يَكنْ معه بَيِّنةٌ لزِمَ الوارِثُ الإِجازةَ في قَدرِ ما علِمَه من المالِ، والقَولُ قَولُه مع يَمينِه فيما لم يَعلَمْه؛ لأنَّ الإِجازةَ كالإِسقاطِ في أحدِ القَولَينِ، وكالهِبةِ في الآخَرِ، والجَميعُ لا يَصحُّ مع الجَهالةِ به.
وإنْ أَوصَى لرَجلٍ بعبدٍ وقيمَتُه أكثَرُ من ثُلثِ المالِ وأَجازَه الوارِثُ، ثم قالَ:«ظَنَنت أنَّ الزِّيادةَ على الثُّلثِ يَسيرةٌ فأَجَزته، وقد بانَ أنَّه كَثيرٌ» ففيه قَولانِ:
أَحدُهما: أنَّها كالمَسألةِ قبلَها.
والثاني: يَلزمُ الوارِثَ الإِجازةُ في العَبدِ، ولا يُقبلُ قَولُه أنَّه لا يَعلمُ قَدرَ ما أَجازَه؛ لأنَّ المُوصَى به ههنا شَيءٌ بعَينِه وقد أَجازَه فلم يُقبَلْ قَولُه، وفي التي قبلَها: الوَصيةُ في جُزءٍ مَشاعٍ، فقُبلَ قَولُه (١).
وقالَ الماوَرديُّ ﵀: وإذا أَجازَ الوَرثةُ الزِّيادةَ على الثُّلثِ ثم قالوا: «كُنَّا نَظُنُّ أنَّ الزِّيادةَ يَسيرةٌ، أو كُنَّا نَظُنُّ مالَه كَثيرًا، أو كُنَّا لا نَرى عليه دَينًا»، كانَ القَولُ قَولَهم مع أَيمانِهم، فإنْ قيلَ: إنَّ الإِجازةَ ابتِداءُ عَطيةٍ منهم بطَلَت في الزِّيادةِ على الثُّلثِ؛ لأنَّها هِبةٌ جهِلوا بعضَها فبطَلَت، وإنْ قُلنا: إنَّها تَنفيذٌ وإِمضاءٌ قيلَ لهم: قد لزِمَكم من إِمضاءِ الزِّيادةِ القَدرُ الذي كُنْتُمْ تَظنُّونَه يَزيدُ على الثُّلثِ؛ لأنَّكم قد علِمتُموه، وبطَلَت الزِّيادةُ فيما جهِلتُموه.
(١) «البيان» (٨/ ١٥/، ١٥٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧٣).