للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ : ولو أَوصَى بثُلثِ مالِه لبعضِ وَرثتِه ولأجنَبيٍّ، فإنْ أَجازَ بَقيةُ الوَرثةِ جازَت الوَصيةُ لهما جَميعًا، وكانَ الثُّلثُ بينَ الأجنَبيِّ وبينَ الوارِثِ نِصفَينِ، وإنْ رَدُّوا جازَت في حِصةِ الأجنَبيِّ وبطَلَت في حِصةِ الوارِثِ.

وقالَ بعضُ الناسِ: يُصرفُ الثُّلثُ كلُّه إلى الأجنَبيِّ؛ لأنَّ الوارِثَ ليسَ بمَحلٍّ للوَصيةِ، فالتَحقَت الإِضافةُ إليه بالعَدمِ، كما لو أَوصَى لحَيٍّ ومَيتٍ فالوَصيةُ كُلِّها للحَيِّ لمَا قُلنا، كذا هذا.

وهذا غيرُ سَديدٍ؛ لأنَّ الوَصيةَ للوارِثِ ليسَت وَصيةً باطِلةً، بدَليلِ أنَّه لو اتَّصلَت بها الإِجازةُ جازَت، والباطِلُ لا يَحتملُ الجَوازَ بالإِجازةِ، وبه تبيَّنَ أنَّ الوارِثَ مَحلٌّ للوَصيةِ؛ لأنَّ التَّصرفَ المُضافَ إلى غيرِ مَحلِّه يَكونُ باطِلًا، دَلَّ على أنَّه مَحلٌّ وأنَّ الإِضافةَ إليه وقَعَت صَحيحةً، إلا أنَّها تَبطلُ في حِصتِه برَدِّ الباقينَ، وإذا وقَعَت صَحيحةً فقد أَوصَى لكلِّ واحِدٍ منهما بنِصفِ الثُّلثِ، ثم بطَلَت الوَصيةُ في حقِّ الوارِثِ بالرَّدِّ فبَقيَت في حَقِّ الأجنَبيِّ على حالِها، كما لو أَوصَى لأجنَبيَّينِ فرَدَّ أَحدُهما دونَ الآخَرِ، بخِلافِ المَريضِ إذا أقَرَّ بدَينٍ لبعضِ وَرثتِه ولأجنَبيٍّ، كما إذا أقَرَّ لهما بألفِ دِرهمٍ، والوارِثُ مع الأجنَبيِّ تَصادَقا أنَّه لا يَصحُّ لهما الإِقرارُ أَصلًا لا

<<  <  ج: ص:  >  >>