للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا فيما لو رَدُّوا حِصةَ الوارِثِ، هل يَأخذُ الأجنَبيُّ جَميعَ الثُّلثِ أو حِصتَه من الثُّلثِ فقط؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ من المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الوَرثةَ لو رَدُّوا نَصيبَ الوارِثِ وأَجازوا للأجنَبيِّ فله الثُّلثُ كإِجازتِهم للوارِثِ، فيَكونُ له الثُّلثُ كامِلًا؛ لأنَّ لهم أنْ يُجيزوا لهما ويَردُّوا عليهما، فلهم أنْ يُجيزوا لأَحدِهما ويَردُّوا على الآخَرِ، ولأنَّهم خَصُّوا الوارِثَ بالإِبطالِ فالثُّلثُ كلُّه للأجنَبيِّ، وسقَطَت وَصيةُ الوارِثِ، فصارَ كأنَّه لم يُوصِ له (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الوَصيةَ في حَقِّ الأجنَبيِّ صَحيحةٌ، وله نِصفُ الوَصيةِ وهو السُّدسُ هنا، وتَبطلُ في حَقِّ الوارِثِ؛ لأنَّ الوَرثةَ لمَّا أبطَلوا وَصيةَ الوارِثِ صارَ كأنَّه لم يُوصِ إلا بالسُّدسِ للأجنَبيِّ، ولأنَّ المَيتَ لم يُرِدْ إِفرادَ الأجنَبيِّ حين أدخَلَ معه غيرَه، فكأنَّه أَعطاه الفاضِلَ من عَطيةِ الوارِثِ، ألَا تَرى أنَّ الوَرثةَ لو أَجازوا لم يَستحِقَّ الأجنَبيُّ إلا نِصفَ الوَصيةِ؟ وإنَّما يُؤثِّرُ مَنعُهم في غيرِ مَنْ يَأخذُ الفاضِلَ من مِقدارِ نَصيبِه (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧٦)، و «المغني» (٦/ ٦١)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٤٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٨٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٨)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧٣)، و «المدونة الكبرى» (١٥/ ٥٦، ٥٧)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٧٩)، رقم (١٩٣٣)، و «البيان» (٨/ ٢٤٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧٦)، و «المغني» (٦/ ٦١)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٤٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>