للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : وتَصحُّ وَصيةُ المُسلمِ للذِّميِّ والذِّميِّ للمُسلمِ والذِّميِّ للذِّميِّ، رُويَ إِجازةُ المُسلمِ للذِّميِّ عن شُريحٍ والشَّعبيِّ والثَّوريِّ والشافِعيِّ وإِسحاقَ وأَصحابِ الرأيِ، ولا نَعلمُ عن غيرِهم خِلافَهم.

وقالَ مُحمدُ بنُ الحَنفيةِ وعَطاءٌ وقَتادةُ في قَولِه تَعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: ٦] هو وَصيةُ المُسلمِ لليَهوديِّ والنَّصرانِيِّ.

وقالَ سَعيدٌ: حدَّثَنا سُفيانُ عن أيُّوبَ عن عِكرمةَ «أنَّ صَفيةَ بِنتَ حُييٍّ باعَت حُجرتَها من مُعاويةَ بمِئةِ ألفٍ، وكانَ لها أخٌ يَهوديٌّ فعرَضَت عليه أنْ يُسلمَ فيَرثَ فأبَى، فأَوصَت له بثُلثِ المِئةِ».

ولأنَّه تَصحُّ له الهِبةُ فصَحَّت الوَصيةُ له كالمُسلمِ، وأنَّها صَحَّت وَصيةُ المُسلمِ للذِّميِّ فوَصيةُ الذِّميِّ للمُسلمِ والذِّميِّ للذِّميِّ أوْلى، ولا تَصحُّ إلا بما تَصحُّ به وَصيةُ المُسلمِ للمُسلمِ، ولو أَوصَى لوارِثِه أو لأَجنَبيٍّ بأكثَرَ من ثُلثِه وقَفَ على إِجازةِ الوَرثةِ كالمُسلمِ سَواءٌ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: ويَجوزُ أنْ يُوصيَ المُسلمُ للكافِرِ الذِّميِّ دونَ الحَربيِّ والكافِرُ للمُسلمِ؛ لأنَّ الوَصيةَ للحَربيِّ باطِلةٌ، وإنَّما جازَت الوَصيةُ للذِّميِّ ولم تَجُزْ للحَربيِّ لقَولِه تَعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ … ﴾ [الممتحنة: ٨] (ثم قال:) ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ … ﴾ [الممتحنة: ٩] الآيةَ.


(١) «المغني» (٦/ ١٢١)، و «الكافي» (٢/ ٤٧٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>