وقالَ الإِمامُ أَبو جَعفرٍ الطَّحاويُّ فيمَن أَوصَى لقَبيلةٍ لا يُحصَوْن:
قالَ أَصحابُنا: إذا أَوصَى لبَني فُلانٍ، قَبيلةٍ لا يُحصَوْن فالوَصيةُ باطِلةٌ.
وقالَ ابنُ القاسِمِ عن مالِكٍ: هي جائِزةٌ.
وقالَ المُزنِيُّ في مُختصَرِه عن الشافِعيِّ: ولو أَوصَى له ولمَن لا يُحصَى بثُلثِه فالقياسُ أنَّه كأَحدِهم، فهذا يَدلُّ على جَوازِ الوَصيةِ لمَن لا يُحصَى.
وقالَ الرَّبيعُ عن الشافِعيِّ: وإنْ حبَسَ على عَشيرةٍ وهم لا يُحصَوْن مِثلَ بَني تَميمٍ فقد قيلَ: إنْ أُعطيَ منهم ثَلاثةٌ فصاعِدًا أَجزأَه كالوَصيةِ للفُقراءِ.
وقد قيلَ: لا شَيءَ لهم؛ لأنَّهم قَومٌ بأَعيانِهم لا يُدرَى ما يَصيرُ لكلِّ واحِدٍ منهم.
قالَ أَبو جَعفَرٍ: قد اتَّفقَ الجَميعُ على جَوازِ الوَصيةِ للفُقراءِ وإنْ لم يَكونوا مُعيَّنينَ، إلا أنَّ ذلك إنَّما جازَ لأنَّها للهِ تَعالى، وإذا دخَلَ فيها الأَغنياءُ وهم غيرُ مَحصورينَ صارَت حَقًّا لآدَميٍّ، وحَقُّ الآدَميِّ لا يَثبُتُ لغيرِ عَينٍ، ألَا تَرى أنَّه لو أقَرَّ بمَجهولٍ غيرِ مُعيَّنٍ لم يَجُزْ إِقرارُه، كذلك الوَصيةُ، وأيضًا فإنَّ الوَصيةَ إذا كانَت لآدَميٍّ فإنَّما يَتمُّ قَبولُ المُوصَى له، والمُوصَى له ههنا غيرُ مُعيَّنٍ ولا يَصحُّ منه القَبولُ فلم تَصحَّ (١).