للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: يُجزئُ الدَّفعُ إلى واحِدٍ منهم كالدَّفعِ في الزَّكاةِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ -في مُقابلِ الأظهَرِ (٢) - إلى أنَّ الوَصيةَ لقَومٍ لا يُحصَوْن باطِلةٌ إذا لم يَكنْ في اللَّفظِ ما يُنبئُ عن الحاجةِ، وإنْ كانَ فيه ما يُنبئُ عن الحاجةِ فالوَصيةُ جائِزةٌ؛ لأنَّهم إذا كانوا لا يُحصَوْن ولم يَذكُرْ في اللَّفظِ ما يَدلُّ على الحاجةِ وقَعَت الوَصيةُ تَمليكًا منهم وهم مُجهولونَ، والتَّمليكُ من المَجهولِ جَهالةٌ لا يُمكنُ إِزالتُها فلا يَصحُّ.

ثم اختُلفَ في تَفسيرِ الإِحصاءِ: قالَ أَبو يُوسفَ: إنْ كانوا لا يُحصَوْن إلا بكِتابٍ أو حِسابٍ فهم لا يُحصَوْن.

وقالَ مُحمدٌ: إنْ كانوا أكثَرَ من مِئةٍ فهم لا يُحصَوْن.

وقيلَ: إنْ كانوا بحيث لا يُحصيهم مُحصٍ حتى يُولَدَ منهم مَولودٌ ويَموتَ منهم مَيتٌ فهم لا يُحصَوْن.

وقيلَ: يُفوَّضُ إلى رأيِ القاضي.

وإنْ كانَ في اللَّفظِ ما يَدلُّ على الحاجةِ كانَت وَصيتُه بالصَّدقةِ، وهي إِخراجُ المالِ إلى اللهِ ، واللهُ واحِدٌ مَعلومٌ فصَحَّت الوَصيةُ.

قالَ الكاسانِيُّ: ثم إذا صَحَّت الوَصيةُ فالأفضَلُ للوَصيِّ أنْ يُعطيَ الثُّلثَ لمَن يَقرُبُ إليه منهم، فإنْ جعَلَه في واحِدٍ فما زادَ جازَ عندَ أَبي حَنيفةَ وأبي


(١) «المغني» (٦/ ٩٠).
(٢) «النجم الوهاج» (٦/ ٢٩١، ٢٩٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>