قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: أمَّا إذا صارَ مُقيمًا بعدَ فَراغِه مِنْ الثانيةِ، فإن قُلنا: الإِقامةُ في أثنائِها لا تُؤثِّرُ في الجَمعِ، فهنا أَولى، وإلا فوَجهانِ حَكاهما الفُورانِيُّ والقاضِي حُسينٌ، وإمامُ الحَرمَينِ والمُتولِّي والبَغويُّ وآخرونَ:
أصحُّهما: لا يَبطُلُ الجَمعُ، كما لو قصَرَ ثم أقامَ، وبهذا قطَعَ القاضِي أبو الطَّيِّبِ في كتابِه «المُجرَّد»، وغيرُه مِنْ العِراقِيِّينَ.
والثاني: تبطُلُ، ويَلزمُه إعادةُ الثانيةِ في وقتِها؛ لزَوالِ السَّفرِ الذي هو سَببُ الجَمعِ، قالَ البَغويُّ والمُتولِّي وآخَرونَ: الخِلافُ فيما إذا أقامَ بعدَ فَراغِه مِنْ الصَّلاتَينِ في وقتِ الأُولى، أو في الثانيةِ قبلَ مُضِيِّ إِمكانِ فِعلِها. فإن أقامَ في وقتِ الثانيةِ بعدَ إِمكانِ فِعلِها لم تَجبْ إِعادتُها بلا خِلافٍ، وصرَّحَ إمامُ الحَرمَينِ بجَرَيانِ الخِلافِ مهما بقِيَ مِنْ وقتِ الثانيةِ شَيءٌ. هذا كلُّه إذا جمَعَ تَقديمًا.
أمَّا إذا جمَعَ في وقتِ الثانيةِ فصارَ مُقيمًا بعدَ فَراغِهما لم يَضرَّ بالاتِّفاقِ، وإن كانَ قبلَ الفَراغِ مِنْ الأُولى صارَت قَضاءً. ذكرَه المُتولِّي والرَّافِعيُّ، فإن كانَت الإِقامةُ في أثناءِ الثانيةِ يَنبَغي أن تَكونَ الأُولى أداءً بلا خِلافٍ.
الثانيةُ: قالَ أَصحابُنا: إذا جمَعَ كانَت الصَّلاتانِ أداءً، سَواءٌ جمَعَ تَقديمًا أو تَأخيرًا. وحَكى الغَزاليُّ وغيرُه وَجهًا أنَّه إذا جمَعَ تَأخيرًا فالمُؤخَّرةُ قَضاءٌ، والصَّحيحُ الأوَّلُ، وبه قطَعَ الجُمهورُ (١).