للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الفَصلُ اليَسيرُ فلا يَضرُّ؛ لأنَّ مِنْ العَسيرِ التَّحرُّزَ منه، فإن أطالَ الفَصلَ بينَهما بطَلَ الجَمعُ، سَواءٌ أفرَّق بينَهما النَّومُ، أم السَّهوُ، أم الشُّغلُ، أم غيرُ ذلك. والمَرجِعُ في الفَصلِ اليَسيرِ والطَّويلِ: العُرفُ، كما هو الشَّأنُ في الأُمورِ التي لا ضابِطَ لها في الشَّرعِ أو اللُّغةِ، كالحِرزِ والقَبضِ وغيرِهما. وقدَّرَ بعضُ الشافِعيةِ والحَنابلَةِ الفَصلَ اليَسيرَ بقَدرِ الإِقامةِ، وضعَّفَه النَّوويُّ، وزادَ الحَنابلَةُ: وقَدرَ الوُضوءِ.

قال ابنُ قُدامةَ : ومَتى احتاجَ إلى الوُضوءِ والتَّيمُّمِ فعَلَه، إذا لم يَطُلِ الفَصلُ، وإن تَكلَّمَ بكَلامٍ يَسيرٍ لم يَبطُلِ الجَمعُ، وإن صلَّى بينَهما السُّنةَ بطَلَ الجَمعُ؛ لأنَّه فرَّقَ بينَهما بصَلاةٍ، فبطَل الجَمعُ كما لو صلَّى بينَهما غيرَهما، وعنه: لا يَبطُلُ؛ لأنَّه تَفريقٌ يَسيرٌ أشبَه بما لو توضَّأَ (١).

رابِعُها: دَاومُ سَفرِه حالَ افتِتاحِ الأُولى والفَراغِ منها، وافتِتاحِ الثانيةِ، فإذا نَوى الإِقامةَ في أثناءِ الصَّلاةِ الأُولى، أو وصَلَ إلى بَلدِه وهو في الأُولى، أو صارَ مُقيمًا بينَ الصَّلاتَينِ انقَطعَ الجَمعُ؛ لزَوالِ سَببِه، ولزِمَه تَأخِيرُ الثانيةِ إلى وقتِها (٢).


(١) «المغني» (٢/ ٥١٦).
(٢) «الشرح الصغير» (١/ ٣٢٢، ٣٢٣)، و «الشَّرح الكبير» (١/ ٣٧٢)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٩١)، و «المجموع» (٥/ ٤٨٩، ٤٩٤)، و «المبدع» (٢/ ١٢١، ١٢٢)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٤١، ٣٤٥)، و «المغني» (٢/ ٥١٥)، و «منار السبيل» (١/ ١٦٣، ١٦٤)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٧٢)، و «كشاف القناع» (٢/ ٨)، و «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣٨١)، و «الإفصاح» (١/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>