للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ ثَوابُه له، وهو أَحوجُ إليه من غيرِه؛ لأنَّه إنَّما مُنعَ من إِخراجِ مالِه على غيرِ عِوضٍ خَوفًا من الفَقرِ عليه، والوَصيةُ تُنفَّذُ بعدَ مَوتِه والفَقرُ مَأمونٌ عليه في تلك الحالِ، وبدَليلِ وُقوعِ طَلاقِه وقَبولِ إِقرارِه بالعُقوباتِ، ولأنَّ الوَصيةَ تَجبُ بعدَ الاستِغناءِ عن المالِ في أُمورِ الدُّنيا، ومَصلحةُ المَحجورِ تَقضي بإِنفاذِ وَصيتِه لا بمَنعِها، ونقَلَ الإِجماعَ على ذلك ابنُ عبدِ البَرِّ وغيرُه (١).

قالَ الإِمامُ أَبو عُمرَ بنُ عبدِ البَرِّ : قد أجمَعَ هؤلاء على أنَّ وَصيةَ البالِغِ المَحجورِ عليه جائِزةٌ (٢).

وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: (قُلتُ): أرأيتَ المَحجورَ عليه إذا حضَرَته الوَفاةُ فأَوصَى بوَصايا، أيَجوزُ ذلك؟ (قالَ): نَعَمْ، قالَ مالِكٌ: الأمرُ المُجمَعُ عليه عندَنا أنَّ الأحمَقَ والسَّفيهَ والمُصابَ الذي يُفيقُ أَحيانًا وَصاياهم تَجوزُ إذا كانَ معهم من عُقولِهم ما يَعرِفونَ به الوَصيةَ. (قالَ): وأمَّا مَنْ ليسَ معه من عَقلِه ما يَعرِفُ به ما يُوصي به أو كانَ مَغلوبًا على عَقلِه فلا وَصيةَ له (٣).


(١) «تبيين الحقائق» (٥/ ١٩٨)، و «البحر الرائق» (٨/ ٩٣، ٩٤)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ١٤٩)، و «درر الحكام» (٢/ ٦٣٨)، و «المعونة» (٢/ ٥١٤)، و «المنتقى» (٦/ ١٥٥)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٥٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٨٤)، و «الشرح الصغير» (١٠/ ٤٩٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٢٧)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٦٤)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢١٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٦٥)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١١٥)، و «المغني» (٦/ ١٢٠)، و «الإنصاف» (٧/ ١٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٦).
(٢) «الاستذكار» (٧/ ٢٧٠).
(٣) «المدونة الكبرى» (١٥/ ٣٢، ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>