للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهَبَ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ -خِلافًا لزُفرَ- والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ القَبولَ رُكنٌ من أَركانِ الوَصيةِ، فلا بُدَّ من قَبولِ المُوصَى له، فما لم يُوجَدِ القَبولُ أو عَدمُ الرَّدِّ من المُوصَى له، وهو أنْ يَقعَ اليَأسُ من رَدِّه لم تَصحَّ الوَصيةُ؛ لأنَّ الوَصيةَ أحدُ أَنواعِ العَطايا، فاشتُرطَ فيها القَبولُ كالهِبةِ وغيرِها.

ولقَولِه : ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)[النجم: ٣٩]، فظاهِرُه ألَّا يَكونَ للإِنسانِ شَيءٌ بدونِ سَعيِه، فلو ثبَتَ المِلكُ للمُوصَى له من غيرِ قَبولٍ لثبَتَ من غيرِ سَعيِه، وهذا مَنفيٌّ إلا ما خُصَّ بدَليلٍ.

ولأنَّ القَولَ بثُبوتِ المِلكِ له من غيرِ قَبولِه يُؤدِّي إلى الإِضرارِ به من وَجهَينِ:

أحدُهما: أنَّه يَلحقُه ضَررُ المِنةِ، ولهذا توقَّفَ ثُبوتُ المِلكِ للمَوهوبِ له على قَبولِه دَفعًا لضَررِ المِنةِ.

والثاني: أنَّ المُوصَى به قد يَكونُ شَيئًا يَتضرَّرُ به المُوصَى له كالعَبدِ الأَعمى والزَّمِنِ والمُقعَدِ ونَحوِ ذلك (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣١، ٣٣٢)، ويُنظَر: «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٦٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٨٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٦٩)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٢٨)، و «الشرح الصغير» (١١/ ١)، و «الوسيط» (٥/ ٣٩٩)، و «البيان» (٨/ ١٧١، ١٧٢)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠١)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٨٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>