للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ: وأمَّا ما ثبَتَ من الوَصيةِ بشَهادةٍ أو إِقرارِ الوَرثةِ به؛ فإنَّه يَثبُتُ حكُمهُ ويُعملُ به ما لم يُعلمْ رُجوعُه عنه وإنْ طالَت مُدتُه وتَغيَّرت أَحوالُ المُوصَى به، مِثلَ أنْ يُوصيَ في مَرضٍ فيَبرأَ منه ثم يَموتَ بعدُ أو يُقتلَ؛ لأنَّ الأَصلَ بَقاؤُه فلا يَزولُ حُكمُه بمُجردِ الاحتِمالِ والشَّكِّ كسائِرِ الأَحكامِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ في احتِمالٍ (ومُحمدُ بنُ نَصرٍ المَروَزيُّ من الشافِعيةِ على تَفصيلٍ له تَقدَّمَ) إلى أنَّه لا يُشتَرطُ لصِحةِ الوَصيةِ المَكتوبةِ الاطِّلاعُ على ما فيها، بل يَكفي الإِشهادُ عليها.

قالَ المالِكيةُ: المُوصي إذا كتَبَ وَصيتَه بخَطِّه أو أَملاها لمَن كتَبَها وقالَ للشُّهودِ: «اشهَدوا على أنَّ ما في هذه الوَثيقةِ وَصيَّتي أو على أنِّي أَوصَيتُ بما فيها» ولم يَقرَأْها عليهم؛ فإنَّه يَجوزُ، ويَجوزُ لهم القُدومُ على الشَّهادةِ بأنَّه أوصَى بما انطَوَت عليه هذه الوَثيقةُ، بأنْ يَقولوا: «نحن نَشهدُ بأنَّه أوصى بما انطَوَت عليه هذه الوَصيةُ أي: الوَثيقةُ»، وإنْ لم يَقرَأْها عليهم، ولا فتَحَ الكِتابَ لهم ولو بَقيَ الكِتابُ عندَه إلى أنْ ماتَ، بشَرطِ أنْ يُشهِدَهم بما في كِتابِ وَصيتِه أو يَقولَ لهم: «أَنفِذوه»، وبشَرطِ ألَّا يُوجدَ في الوَثيقةِ مَحوٌ ولا تَغييرٌ، وأنْ يَعرِفوا الوَثيقةَ بعَينِها (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٩٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٣٦)، و «المبدع» (٦/ ٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٧).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٩٠)، و «الذخيرة» (٧/ ٥٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٢٨، ٥٢٩)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>