للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا قَرابةَ بينَها وبينَه فلو لم تَجُزِ الوَصيةُ إلا لذي قَرابةٍ لم تَجُزْ للمَملوكينَ، وقد أَجازَها لهم رَسولُ اللهِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ: فإنْ أوْصى لغيرِهم وترَكَهم صحَّت وَصيتُه في قَولِ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، منهم سالِمٌ وسُليمانُ بنُ يَسارٍ وعَطاءٌ ومالِكٌ والثَّوريُّ والأَوزاعيُّ والشافِعيُّ وإِسحاقُ وأَصحابُ الرأيِ.

وحُكيَ عن طاوُسٍ والضَّحاكِ وعبدِ المَلكِ بنِ يَعلَى أنَّهم قالوا: يُنزعُ عنهم ويُردُّ إلى قَرابتِه، وعن سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ والحَسنِ وجابِرِ بنِ زَيدٍ: للذي أوصَى له ثُلثُ الثُّلثِ، والباقي يُردُّ إلى قَرابةِ المُوصي؛ لأنَّه لو أوصَى بمالِه كلِّه لجازَ منه الثُّلثُ، والباقي رَدٌّ على الوَرثةِ وأَقاربِه الذين لا يَرِثونَه في استِحقاقِ الوَصيةِ، كالوَرثةِ في استِحقاقِ المالِ كلِّه.

ولنا: ما رَوى عِمرانُ بنُ حُصَينٍ: «أنَّ رَجلًا أعتَقَ في مَرضِه سِتةَ أعبُدٍ لم يَكنْ له مالٌ غيرُهم، فبلَغَ ذلك النَّبيَّ فدَعاهم، فجَزَّأهم ثَلاثةَ أَجزاءٍ ثم أقرَعَ بينَهم فأعتَقَ اثنَينِ وأرَقَّ أربَعةً» (٢). فأَجازَ العِتقَ في ثُلثِه لغيرِ قَرابتِه، ولأنَّها عَطيةٌ جازَت لغيرِ قَرابتِه كالعَطيةِ في الحَياةِ (٣).

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : لو كانَ للمَيتِ أَقاربُ لا يَرِثونَ كانَت الوَصيةُ لهم أَولى من الوَصيةِ بالعِتقِ، وما أعلَمُ في هذا خِلافًا،


(١) «الأم» (٤/ ٩٨، ٩٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّمَ.
(٣) «المغني» (٦/ ٧٥، ٧٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>