للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوَصايا وأُمورِ الأَطفالِ، وهذا مُخالفٌ لما تقرَّرَ في كَلامِه وكَلامِ غيرِه من وُجوبِ الوَصيةِ بالحُقوقِ الواجِبةِ، وحمَلَه النَّوويُّ في المَظالمِ وقَضاءِ الدُّيونِ على ما إذا كانَ قادِرًا عليهما في الحالِ، فإنْ كانَ عاجِزًا عنهما وجَبَ عليه أنْ يُوصيَ بهما، وعندي أنَّ الاستِحبابَ الذي في كَلامِ الرافِعيِّ هنا إنَّما مَرجعُه إلى تَعيينِ شَخصٍ يُسنَدُ تَعاطي ذلك إليه، فأمَّا الإِعلامُ به إذا لم يَكنْ به إِشهادٌ مُتقدِّمٌ فهو واجِبٌ، وليسَ في كَلامِه ما يُخالفُه، واللهُ أعلَمُ.

هذا الذي ذكَرناه من وُجوبِ الوَصيةِ بالحُقوقِ الواجِبةِ مَحلُّه ما إذا لم يَعلمْ به غيرُه، فأمَّا إذا علِمَ به غيرُه فلا تَجبُ، كذا عبَّرَ به الرافِعيُّ من أَصحابِنا، وقالَ النَّوويُّ: المُرادُ إذا لم يَعلمْ به مَنْ يَثبُتُ بقَولِه. وقُصدَ بذلك إِخراجُ الكافِرِ والفاسِقِ والصَّبيِّ والعَبدِ والمَرأةِ؛ فإنَّه لا يَكفي عِلمُهم، مع دُخولِهم في تَعبيرِ الرافِعيِّ، قالَ شَيخُنا الإِمامُ جَمالُ الدِّينِ عبدُ الرَّحيمِ الإِسنَويُّ: وهو غيرُ كافٍ أيضًا؛ فإنَّ قَولَ الوَرثةِ كافٍ في الثُّبوتِ مع أنَّ المُتَّجَهَ أنَّ عِلمَهم لا يَكفي؛ لأنَّهم الغُرماءُ، فلا بُدَّ من حُجةٍ تَقومُ عليهم عندَ إِنكارِهم (١).

وسيَأتي تَمامُ ذلك مُفصَّلًا فيما تَصحُّ وتَجبُ الوَصيةُ به في أَركانِ الوَصيةِ.


(١) «طرح التثريب في شرح التقريب» (٦/ ١٦٢، ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>