للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ الإِمامُ القُرطُبيُّ : اختَلفَ العُلماءُ في وُجوبِ الوَصيةِ على مَنْ خلَّفَ مالًا، بعدَ إِجماعِهم على أنَّها واجِبةٌ على مَنْ قِبَلَه وَدائعُ وعليه دُيونٌ، وأكثَرُ العُلماءِ على أنَّ الوَصيةَ غيرُ واجِبةٍ على مَنْ ليسَ قِبَلَه شَيءٌ من ذلك، وهو قَولُ مالِكٍ والشافِعيِّ والثَّوريِّ، مُوسرًا كانَ المُوصي أو فَقيرًا (١).

قالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ المَقدسيُّ : لا تَجبُ الوَصيةُ إلا على مَنْ عليه دَينٌ أو عندَه وَديعةٌ أو عليه واجِبٌ يُوصي بالخُروجِ منه؛ فإنَّ اللهَ تَعالى فرَضَ أَداءَ الأَماناتِ، وطَريقُه في هذا البابِ الوَصيةُ، فتَكونُ مَفروضةً عليه، وحَديثُ ابنِ عُمرَ مَحمولٌ على مَنْ عليه واجِبٌ أو عندَه وَديعةٌ (٢).

وقالَ الإِمامُ النَّوويُّ : إنْ كانَ على الإِنسانِ دَينٌ أو حَقٌّ أو عندَه وَديعةٌ ونَحوُها لَزِمه الإِيصاءُ بذلك (٣).

وقالَ زَينُ الدِّينِ العِراقيُّ: الخامِسةُ: هذا الذي تقدَّمَ من حَملِ الأمرِ بالوَصيةِ على الاستِحبابِ هو في غيرِ الحُقوقِ الواجِبةِ، أمَّا إذا كانَ عندَ الإِنسانِ وَديعةٌ أو في ذِمتِه حَقٌّ للهِ تَعالى كزَكاةٍ أو حَجٍّ أو دَينٍ لآدَميٍّ؛ فإنَّه يَجبُ عليه أنْ يُوصيَ به، وقالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ في شَرحِ «العُمدة» كانَ الحَديثُ إنَّما يُحملُ على هذا النَّوعِ، ووقَعَ في كَلامِ الرافِعيِّ من أَصحابِنا في الكَلامِ على الوَصايا أنَّها مُستحَبةٌ في رَدِّ المَظالِمِ وقَضاءِ الدُّيونِ وتَنفيذِ


(١) «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٥٩).
(٢) «المغني» (٦/ ٥٥).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٤، ٧٥)، و «البيان» (٨/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>