للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَذاهبِ الأَربعةِ وكَثيرٍ من العُلماءِ بآيةِ المَواريثِ، وبَقيَ جَوازُ الوَصيةِ لمَن لا يَرِثُ (١).

وعن عِكرمةَ عن ابنِ عَباسٍ : ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠]، فكانَت الوَصيةُ كذلك حتى نسَخَتها آيةُ المِيراثِ (٢).

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : وكانَ فَرضًا في كِتابِ اللهِ تَعالى على مَنْ ترَكَ خَيرًا -والخَيرُ: المالُ- أنْ يُوصيَ لوالِدَيه وأقرَبِيه، ثم زعَمَ بعضُ أهلِ العِلمِ بالقُرآنِ أنَّ الوَصيةَ للوالِدَينِ والأقرَبينَ الوارِثينَ مَنسوخةٌ، واختلَفوا في الأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ، فأكثَرُ مَنْ لَقيتُ من أهلِ العِلمِ ممَّن حفِظتُ عنه قالَ: الوَصايا مَنسوخةٌ؛ لأنَّه إنَّما أمَرَ بها إذا كانَت إنَّما يُورَثُ بها، فلمَّا قسَّمَ اللهُ -تَعالى ذِكرُه- المَواريثَ كانَت تَطوُّعًا.

قالَ الشافِعيُّ: وهذا -إنْ شاءَ اللهُ تَعالى- كلُّه كما قالوا.

فإنْ قالَ قائِلٌ: ما دَلَّ على ما وصَفتَ؟ قيلَ له: قالَ اللهُ ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء: ١١].

أخبَرَنا ابنُ عُيَينةَ عن سُليمانَ الأَحولِ عن مُجاهدٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا وَصيةَ لوارِثٍ» (٣) وما وَصفتُ من أنَّ الوَصيةَ


(١) «الموطأ» (٢/ ٧٦٥)، و «نهاية المطلب» (١٠/ ٥)، و «الوسيط» (٥/ ٣٦٨).
(٢) رواه أَبو داود (٢٨٦٩).
(٣) رواه أَبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، والنسائي (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٧١٣، ٢٧١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>