للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها وقد تَحرمُ، ولمْ يَأمرْه النَّبيُّ بكَفارةٍ، ولو كانَ مُنعقدًا لأمَرَه بالكَفارةِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: يُشترَطُ في النَّذرِ أنْ يَكونَ قُربةً فلا يَصحُّ النَّذرُ بما ليسَ بقُربةٍ ولا بالمُباحِ كالأَكلِ والشُّربِ والجِماعِ أو للهِ عليَّ أنْ أُطلقَ امرأَتي.

ويُشترطُ أنْ يَكونَ قُربةً مَقصودةً مِنْ جِنسِها واجبٌ كالصَّومِ والصَّلاةِ والحَجِّ، وأمَّا ما ليسَ مِنْ جِنسِها واجبٌ كتَشييعِ الجِنازةِ وعيادةِ المَريضِ فلا يَصحُّ النَّذرُ به.

إلا أنَّه لو نذَرَ ما جِنسُه واجبٌ في وَقتٍ مَكروهٍ كصَلاةِ رَكعتينِ في الوَقتِ المَكروهِ جازَ له الأَداءُ فيه، والأَفضلُ أنْ يُصليَه في غيرِه (٢).

وقالَ المالِكيةُ: يَحرمُ نَذرُ المَكروهِ والمُباحِ؛ لأنَّه عظَّمَ ما لمْ يُعظمْه الشَّرعُ نَحوُ: «للهِ عليَّ»، أو: «إنْ كلَّمْتُ زَيدًا لأُصلينَّ رَكعتينِ بعدَ فَرضِ العَصرِ أو الصُّبحِ، أو لأَقرأنَّ في السِّريةِ بالجَهرِ أو العَكسِ».

وليسَ مِنْ المَكروهِ نَذرُ صَومِ رابعِ يَومِ النَّحرِ، ونَذرُ الإِحرامِ بالحَجِّ قبلَ أَشهرِه، ونَذرُ ما يَشقُّ فعلُه مِنْ صَلاةٍ أو صَومٍ، فإنَّ هذه المَذكوراتِ يَجبُ الوَفاءُ بنَذرِها؛ لأنَّ كَراهتَها لا لذاتِها، بخِلافِ نَذرِ صَلاةِ رَكعتينِ بعدَ الفَراغِ مِنْ صَلاةِ العَصرِ أو بعدَ طُلوعِ الفَجرِ فإنَّه لا يَلزمُ الوَفاءُ بنَذرِهما، وإنْ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٨٢)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٠)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤١٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٥٦، ٤٥٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٢٨٦)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٥٩). و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٥٣)، و «المبدع» (٩/ ٣٢٨)، و «الإنصاف» (١١/ ١٢١).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ٨٢)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٨٦)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>