للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لا يَصحُّ ويَكونُ مُخيَّرًا بينَ فِعلِه وبينَ الكَفارةِ أم لا يَلزمُ الوَفاءُ به ولا تَجبُ عليه كَفارةٌ ولا شيءَ؟

فذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ مَنْ نذَرَ نَذرًا مُباحًا كلُبسِ الثَّوبِ ورُكوبِ الدابةِ وطَلاقِ المَرأةِ على وَجهٍ مُباحٍ فإنَّه مُخيَّرٌ بينَ الوَفاءِ به وبينَ كَفارةِ يَمينٍ لقَولِ النَّبيِّ : «لا نَذرَ إلا فيما ابتُغيَ به وَجهُ اللهِ» (١).

فإنْ لمْ يَفِ فعليه كَفارةٌ لمَا روَتْ عائشةُ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا نَذرَ في مَعصيةٍ وكَفارتُه كَفارةُ يَمينٍ» (٢). وإذا وجبَتْ الكَفارةُ في المَعصيةِ ففي المُباحِ أَولى.

وإنْ وَفَّى به أجزَأَه لمَا رواه أَبو داودَ: «أنَّ امرَأةً قالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي نذَرْتُ أنْ أَضربَ على رَأسكِ بالدُّفِ، فقالَ النَّبيُّ : «أَوفي بنَذرِكَ» (٣).

وإنْ تضمَّنَ خِصالًا كَثيرةً أجزَأَتْه كَفارةٌ واحدةٌ كاليَمينِ (٤).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ وأَحمدُ في قَولٍ إلى أنَّ مَنْ نذَرَ ما ليسَ بطاعةٍ ولا قُربةٍ كقولِه: «لله عليَّ أنْ أَدخلَ البَصرةَ أو لا أَدخلَها، أو آكلَ لَذيذًا، أو لا آكلَه، أو أَلبسَ جَديدًا، أو لا أَلبسَه» فليسَ في


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢١٩٢)، وأحمد (٦٧٣٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٢٩٠)، والترمذي (١٥٢٤)، وابن ماجه (٢١٢١).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٣١٢).
(٤) «المغني» (١٠/ ٧٠)، و «الكافي» (٤/ ٤١٩)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٤٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٤٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>