بالإمامةِ، مُقيمًا كانَ أو مُسافِرًا، وإن لم يَكنْ فيهم إمامٌ ولا سُلطانٌ، واستَوَوا في الفِقهِ والقِراءةِ، فإمامةُ المُقيمِ أَولى؛ لأَمرَينِ:
أحدُهما: أن يُتمَّ الصَّلاةَ، والإِتمامُ أفضَلُ.
والآخَرُ: لأنَّه يَستَوي مَنْ خلفَه، فيَكونُ فَراغُهم على سَواءٍ؛ فلهَذينِ كانَت إمامَةُ المُقيمِ أَولى، فإن قدَّموا مُسافِرًا جازَ، وإن كانَ المُقيمُ أَولى، وهل تُكرَهُ إمامَتُه أو لا؟ على قولَينِ: أحدُهما: نصَّ عليه في «الأُمّ» أنَّها مَكروهةٌ لهم؛ لخُروجِه مِنْ الصَّلاةِ قبلَهم، والقولُ الآخَرُ: نصَّ عليه في «الإملاء» لا يُكرَهُ لهم؛ لأنَّ المُسافِرَ بخِلافِ المُقيمِ في إِباحةِ الرُّخصةِ، وليسَ استِباحةُ الرُّخصةِ نَقصًا فيه، فإذا أَمَّهم صلَّى ومَن خلفَه مِنْ المُسافِرينَ رَكعَتينِ إن أحَبُّوا القصرَ، ووجَبَ على مَنْ خلفَه مِنْ المُقيمِينَ أن يُتمُّوا الصَّلاةَ أربَعًا، ولم يَجزْ أن يَقصُروا؛ لأنَّ فَرضَهم الإِتمامُ، وقد رُويَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ صلَّى بقَومٍ ثم قالَ:«أتِمُّوا يا أهلَ مَكةَ»، ورُويَ عن عمرَ بنِ الخَطابِ ﵁: أنَّه صلَّى بقَومٍ، فلمَّا فرغَ قالَ:«أتِمُّوا أيُّها المُقيمُونَ؛ فإنَّا قَومٌ سَفرٌ»، ورُويَ نَحوُه عن عُثمانَ ﵁، فإذا سلَّمَ الإمامُ قالَ الشافِعيُّ: اختِيرَ أن يَأمرَ المُقيمِينَ بإِتمامِ الصَّلاةِ أربَعًا، فلو أمَرَهم بذلك قبلَ إِحرامِهم كانَ أَولى؛ لأنَّه ربَّما جهِلَ بعضُهم فسلَّمَ بسَلامِه، وإن لم يَأمرْهم بشَيءٍ مِنْ ذلك فلا حَرجَ عليه، فإذا أرادَ المُقيمونَ إِتمامَ صَلاتِهم أربَعًا بعدَ فَراغِ الإمامِ، فاستَخلَفَ الإمامُ عليهم واحدًا منهم ليُتمَّ بهم أو قدَّموا أحدَهم -وقيلَ بجَوازِ الاستِخلافِ على قولِه في الجَديدِ-