للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتَّخييرِ، قالَ ابنُ عَباسٍ ما كانَ في كِتابِ اللهِ «أو» فهو مُخيَّرٌ فيه، وما كانَ «فمَن لم يَجِدْ» فالأوَّلَ الأوَّلَ (١).

النَّوعُ الرابِعُ: صيامُ ثَلاثةِ أيامٍ إذا عجَزَ وَقتَ التَّكفيرِ عن الثَلاثةِ الماضيةِ: الإطعامِ والكِسوةِ والرَّقبةِ، فيَنتَقِلُ لصيامِ ثَلاثةِ أيامٍ ولا يُجزِئُه الصَّومُ عندَ القُدرةِ على هذه الأَشياءِ الثَّلاثةِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)[المائدة: ٨٩]. فلا يُجزِئُه الصَّومُ وهو قادِرٌ على خَصلةٍ مِنْ الخِصالِ الثَلاثِ المُتقدِّمةِ بإجماعِ العُلماءِ؛ لنَصِّ الآيةِ.

قال الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الحالِفَ الواجِدَ الإطعامَ أو الكِسوةَ أو الرَّقبةَ لا يُجزِئُه الصَّومُ إذا حنِثَ في يَمينِه (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ : وصِفةُ الكَفارةِ هي: مَنْ حنِثَ أو أرادَ الحِنثَ وإنْ لم يَحنَثْ بَعدُ، فهو مُخيَّرٌ بَينَ ما جاءَ به النَّصُّ، وهو إما أنْ يُعتِقَ رَقَبةً، وإما أنْ يَكسوَ عَشَرةَ مَساكينَ، وإما أنْ يُطعِمَهم، أيَّ ذلك الفِعلِ فرَضَ يَجزيه، فإنْ لم يَقدِرْ على شَيءٍ مِنْ ذلك، ففَرضُه صيامُ ثَلاثةِ أَيامٍ، ولا يَجزيه الصَّومُ ما دامَ يَقدِرُ على ما ذَكَرنا مِنْ العِتقِ والكِسوةِ والإِطعامِ، بُرهانُ ذلك


(١) «المغني» (١٠/ ٣).
(٢) «الأوسط» (١٢/ ٢٠٤)، و «الإجماع» (٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>