واختَلَفوا فيما لو أَرادَ الاستِئنافَ هل تَلزمُه كَفارةٌ واحِدةٌ أو كَفاراتٌ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه إذا قالَ:«واللهِ لا أَفعلُ كذا .. واللهِ لا أَفعلُ كذا» لشيءٍ فإنْ أَرادَ التَّكرارَ فيَمينٌ واحِدةٌ وإنْ لَم تَكنْ له نِيةٌ أو أَرادَ التَّغليظَ فهما يَمينانِ، وإنْ قالَ ذلك في مَجلِسينِ فهما يَمينانِ؛ نَظرًا إلى أنَّ كلَّ واحِدةٍ يَمينٌ مُنعقِدةٌ، فأَشبَهت الأَيمانَ المُختَلفةَ الكَفارَة.
قالَ الكاسانِيُّ ﵀: ولو قالَ: «واللهِ واللهِ لا أَفعلُ كذا» ذكَرَ مُحمدٌ أنَّ القِياسَ أن يَكونَ عليه كَفارَتانِ ولكنِّي أَستَحسنُ فأَجعلُ عليه كَفارةً واحِدةً، وهذا كلُّه في الاسمِ المُتفقِ، ترَكَ مُحمدٌ القِياسَ وأخَذَ بالاستِحسانِ لمَكانِ العُرفِ؛ لِما زعَمَ أنَّ مَعانِيَ كَلامِ الناسِ عليه، هذا إذا ذكَرَ المُقسمَ به ولَم يَذكرِ المُقسمَ عليه حتى ذكَرَ اسمَ اللهِ ثانيًا، فأما إذا ذكَرَهما جَميعًا ثم أَعادَهما فإنْ كانَ بحرفِ العَطفِ بأنْ قالَ:«واللهِ لا أَفعلُ كذا .. والرَّحمنِ لا أَفعلُ كذا» أو قالَ: «واللهِ لا أَفعلُ كذا .. واللهِ لا أَفعلُ كذا» فلا شكَّ أنَّهما يَمينانِ سَواءٌ كانَ ذلك في مَجلِسينِ أو في مَجلسٍ واحدٍ، حتى لو فعَلَ كانَ عليه كَفارَتانِ، وكذا لو أَعادَهما بدونِ حرفِ العَطفِ بأنْ قالَ:«واللهِ لا أَفعلُ كذا» وقالَ: «واللهِ لا أَفعلُ كذا»؛ لأنَّه لما أَعادَ المُقسمَ عليه معَ الاسمِ الثانِي عُلمَ أنَّه أَرادَ به يَمينًا أُخرَى؛ إذْ لو أَرادَ الصِّفةَ أو التَّأكيدَ لَما أَعادَ المُقسمَ عليه.
ولو قالَ:«واللهِ لا أَفعلُ كذا»، أو قالَ:«واللهِ لا أَفعلُ كذا»، وقالَ:«أَردتُ بالثانِي الخبَرَ عن الأَولِ».