للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني -وهوَ اختيارُ الكَرخيِّ-: لا يُشترطُ، وهوَ الصَّحيحُ، فلَو حرَّكَ لسانَه بالاستِثناءِ صحَّ وإنْ لَم يَكنْ مَسموعًا.

قالَ الإمامُ عَلاءُ الدِّينِ السَّمرقَنديُّ : ولَو حرَّكَ لِسانَه بالاستِثناءِ وأتَى بحُروفِه على الوَجهِ لكنَّه لَم يَسمعْ يَكونُ استِثناءً؛ لأنَّ هذا كَلامٌ وليسَ الشَّرطُ هو السَّماعُ، ألَا تَرى أنَّ الأَصمَّ يَصحُّ استِثناؤُه وإنْ لَم يَسمعْ هو (١).

وقالَ الكاسانِيُّ : فأمَّا السَّماعُ فليسَ بشَرطٍ؛ لكَونِه كَلامًا، فإنَّ الأصمَّ يَصحُّ استِثناؤُه وإنْ كانَ لا يَسمعُ، والصَّحيحُ ما ذكَرَه الفَقيهُ أَبو جَعفرٍ؛ لأنَّ الحُروفَ المَنظومَةَ -وإنْ كانَت كَلامًا عندَ الكَرخيِّ وعندَنا- هي دَلالةٌ عَلى الكَلامِ وعِبارةُ عنه، لا نَفسَ الكَلامِ في الغائِبِ والشَّاهِدِ جَميعًا، فلَم تُوجَدِ الحُروفُ المَنظومَةُ ههُنا؛ لأنَّ الحُروفَ لا تَتحقَّقُ بدونِ الصَّوتِ، فالحُروفُ المَنظومَةُ لا تَتحقَّقُ بدونِ الأَصواتِ المُتقطِّعةِ بتَقطيعٍ خاصٍّ، فإذا لَم يُوجدِ الصَّوتُ لَم تُوجَدِ الحُروفِ، فلَم يُوجَدِ الكَلامُ عندَه ولا دَلالةُ الكَلامِ عندَنا، فلَم يَكنْ استِثناءً، واللهُ المُوفِّقُ (٢).

وقالَ في «الدُّرّ المُختَار»: (مَسموعًا) بحَيثُ لَو قرَّبَ شَخصٌ أُذنَه إلى فيه يَسمعُ، فصحَّ استِثناءُ الأصَمِّ.

قالَ ابنُ عابدِينَ : (قولُه: مَسموعًا) هَذا عندَ الهِندوانِيِّ، وهوَ الصَّحيحُ كمَا في «البَدائِع»، وعندَ الكَرخيِّ ليسَ بشَرطٍ، (قولُه: بحَيثُ إلَخ)


(١) «تحفة الفقهاء» (٢/ ١٩٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٥٥)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>