للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأصَحِّ وبعضُ الحَنابِلةِ كشَيخِ الإِسلامِ ابنِ تَيميةَ وابنِ القَيمِ إلى أنَّه تَصحُّ نيَّتُه بعدَ فَراغِه مِنْ كَلامِه، قالَ الموَّاقُ: وهوَ الأصَحُّ؛ لأنَّ لَفظَ الاستِثناءِ لمَّا لَم يُشتَرطْ تَقديمُه عَلى آخِرِ حَرفٍ مِنْ حُروفِ اليَمينِ لَم يُشتَرطْ ذلكَ في النِّيةِ؛ لأنَّ مُجرَّدَ النِّيةِ لا تُؤثِّرُ، ولَو أثَّرَ مُجرَّدُ النِّيةِ في حلِّ اليَمينِ لاستَغنَى عَنْ لَفظِه، وهَذا باطِلٌ باتِّفاقٍ (١).

قالَ القاضِي عبدُ الوَهابِ : ليسَ مِنْ شَرطِه أنْ يُنوِيَ معَ عَقدِ اليَمينِ؛ لأنَّ ذلكَ يُوجِبُ أنْ لا تَحلَّ يَمينٌ ابتُدئَ عَقدُها دونَ نيَّتهِ، وذلِكَ باطِلٌ، فإذَا ابتَدأَ غيرَ ناوٍ ثمَّ نَوى قبلَ فَراغِه مِنْ اليَمينِ جازَ، وإنْ فرَغَ مِنْ التَّلفُّظِ بها ثمَّ أَتى بهِ مُتِّصلًا غيرَ مُتراخٍ عَلى الحدِّ الَّذي يَأتِي مِنْ غيرِ فَصلٍ صحَّ عندَ مالِكٍ، وعندَ ابنِ الموَّازِ لا يَصحُّ، فوَجهُ قولِ مالِكٍ عُمومُ الخبَرِ، واعتِبارًا بمَا لَو نَواهُ بعدَ الفَراغِ بعلَّةِ الاتِّصالِ معَ النِّيةِ، ووَجهُ قَولِ ابنِ الموَّازِ أنَّ اليَمينَ فرَغَ مِنها عارِيةً مِنْ الاستِثناءِ، فوُرودُه بعدَها لا يُؤثِّرُ كالتَّراخِي، والأوَّلُ أصَحُّ (٢).

وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ عَنْ رَجلٍ حلَفَ بالطَّلاقِ ثمَّ استَثنَى هُنَيهةً بقَدرِ ما يُمكِنُ فيهِ الكَلامُ.


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٢٨٢)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٥٥)، و (٤/ ٥٣، ٥٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠٤)، و (٣/ ٢٨٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٤٦٤).
(٢) «المعونة» (١/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>