للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَم يَكنْ نَوى الاستِثناءَ ولَم يَقصدْه هل يَصحُّ منه الاستِثناءُ عندَ عَدمِ القَصدِ أم يَصحُّ منه وإنْ لَم يَقصدْ؟

نَصَّ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وبعضُ المالِكيةِ على أنَّه يُشتَرطُ أنْ يَنوِيَ الاستِثناءَ قبلَ تَمامِ المُستَثنَى منه، أيْ قبلَ فراغِه مِنْ اليَمينِ، فإنْ قالَ: «أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا إلَّا واحِدَةً» لا يُعتَدُّ بالاستِثناءِ إلَّا إنْ نَواه قبلَ تَمامِ قولِه: «أنتِ طالِقٌ ثَلاثًا»؛ لأنَّ اليَمينَ إنَّما تُعتبَرُ بتَمامِها، وهَذا صادِقٌ بأنْ يَنوِيَه أوَّلَها أو آخِرَها أو ما بينَهما فَلا يُشتَرطُ في أوَّلِه ولا يَكفِي بعدَ الفَراغِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : واشتَرطَ القاضِي أنْ يَقصِدَ الاستِثناءَ فلو أَرادَ الجَزمَ فسبَقَ لِسانُه إلى الاستِثناءِ مِنْ غيرِ قَصدٍ أو كانَت عادتُه جارِيةً بالاستِثناءِ فجَرى لِسانُه على العادةِ مِنْ غيرِ قصٍّ لَم يَصحَّ؛ لأنَّ اليَمينَ لما لَم يَنعقِدْ مِنْ غيرِ قَصدٍ فكذلك الاستِثناءُ، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ، وذكَرَ بعضُهم أنَّه لا يَصحُّ الاستِثناءُ حتى يَقصدَه معَ ابتِداءِ يَمينِه فلو حلَفَ غيرَ قاصِدٍ للاستِثناءِ ثم عرَضَ له بعدَ فَراغِه مِنْ اليَمينِ فاستَثنَى لَم يَنفعْه ولا يَصحُّ؛ لأنَّ هذا يُخالِفُ عُمومَ الخبَرِ؛ فإنَّه قالَ: «مَنْ حلَفَ فقالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» لَم يَحنَثْ»، ولأنَّ لَفظَ الاستثِناءِ يَكون عقيبَ يَمينِه فكذلك نِيتُه (٢).


(١) «البيان» (١٠/ ١٣١، ١٣٢، ٥١٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٣١)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٨٧)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٤٣٣، ٤٣٤)، و «الديباج» (٣/ ٤٣٣)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣١٥)، و «الفروع» (٦/ ٣٠٩)، و «الإنصاف» (١١/ ٢٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣١١)، و «الروض المربع» (٢/ ٣٨٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٣٧٥).
(٢) «المغني» (٩/ ٤١٣، ٤١٤)، و «الكافي» (٤/ ٣٧٥، ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>